لينا يعقوب: عن الطائرة المنكوبة

بعد عامين أو يزيد قليلاً.. عدنا مجدداً لحوادث الطائرات المأساوية، التي اشتهر السودان بها، فلم يسلم منها في سنواتٍ خلت، وزيرٌ أو والٍ أو مواطن.
لحظات مؤلمة ومؤسفة سيمتد مداها فترة من الزمن، شهدتها ولاية القضارف، برحيل واليها ميرغني صالح ووزير الزراعة عمر محمد إبراهيم وخمسة آخرين، نسأل الله أن يتولاهم بواسع رحمته ومغفرته.
الحادث البشع، يفتح الباب مرة أخرى لطرح المزيد من الأسئلة في هذا الشأن.
شخصيات مهمة من ولاية القضارف كانت موجودة في الطائرة (الوالي، وزير الزراعة، مدير الشرطة بالإنابة، مدير إدارة الحدود، مدير الأمن بالولاية، شعبة الاستخبارات العسكرية، مدير الجمارك، مدير شرطة مكافحة التهريب).
نحمد الله أيضاً على نجاه وسلامة عدد منهم، لكن قرار أن تستقل حكومة ولاية، وبهذا القدر من الشخصيات المهمة، طائرة “هيليكوبتر” لتفقد منطقة، أمرٌ يحتاج لكثير مراجعة.
لسنا بصدد الحديث كثيراً عن نوعية الطائرات المستخدمة، كانت مدنية أو عسكرية أو شُرطية، لكن نوعية هذه الحوادث من المفترض أن تعيد فتح الأعين والآذان.
فرغم أن طائراتنا لا تحلق أبداً في الأجواء الأوروبية، لكن فقط “للاحتياط”، أصدرت المفوضية الأوروبية لسلامة الطيران قبل يومين، قراراً بحظر 12 شركة طيران سودانية لعدم أهلية الطيران المدني السوداني في منح شهادة المشغل الجوي حسب القوانين الضابطة للطيران في العالم “الإيكاو”.
ومع أن سلطة الطيران المدني رأت في القرار إجحافاً، لكن يعتقد كثيرون أنه صائب.
الحادثة دلت على أن أحد المعايير المضمنة في الطيران الخاص، غير متبعة.
ففي حالة حادثة القضارف، كان أبسط إجراء، أن يقود الكابتن طائرته إلى منطقة القلابات قبل يوم من الرحلة الرسمية، حتى لا يُفاجأ بجبال أو أبراج أو أي عوامل جغرافية، فالأمر يستحق الحيطة والحذر، طالما أن حكومة ولاية بأكملها ستقلع معه في الرحلة.
ما علمته أن الطيران المدني غير مسؤول، من هذه الحادثة، باعتبار أن الطائرة “عسكرية” لا تخضع لسلطات الطيران “المدني”، وهو ما يدعو إلى رفع حاجب الدهشة.
قبل شهرين، أُغلق مطار الخرطوم لساعات طويلة نتيجة اصطدام طائرتين عسكريتين في مدرجه، مما يؤكد على أهمية وجود تنسيق وسلطة أكبر، لضمان سلامة الطائرات، طالما أنها في الأجواء السودانية.
صحيح أنها أقدار الله، لكن هذه الحادثة الحزينة، يجب أن لا تُطوى بانتهاء مراسم الدفن، فهي فرصة لإجراء معالجات عاجلة قبل أن تتكرر بشكلٍ مختلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى