لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء!

عندما يجد اليتيم من يقهره وعندما يجد الفقير من يمنعه حقه الذي كفله الله له , وعندما يجد الضعيف من يتجبر عليه بما ملكه الله له , وعندما تجد المرأة من يستأسد عليها وهي أسيرة عنده , ربما تكون كل هذه الجروح – رغم ألمها الشديد – متحملة , وقد يصبر المجروحون على آلامها , وربما يضطرون إلى التعايش مع قسوتها لأنها أمر معتاد يتكرر نتيجة اختلاف تصرفات البشر وأخلاقهم ودرجة تدينهم .

لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! almstba.com_1353873556_876.gif

لكن الألم الأشد والأكثر صعوبة عندما يأتيهم الألم من أناس يظنون أنهم يحسنون إليهم ويقضون لهم حوائجهم ويبيتون لياليهم وهم يشعرون أنهم قد أدوا ما عليهم تجاه إخوانهم الذين يقفون بجوارهم في محنتهم .

لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! almstba.com_1353873556_876.gif

فكم يكره الضرير شعور الشفقة عليه , ويتألم من فعل كل من يتعمد أن يُذَكره في كل كلمة أو فعل ذلك المعنى البغيض له أنه عاجز ومبتلى , وأنه يشعر بالشفقة نحوه , وكم يكرهون – وذلك من أفواههم – ذلك الاسم الذي تسمى به تلك المعاهد التي يُعزلون فيها عن المجتمع ويدرسون فيها علومهم وتسمى دوما بهذا الاسم أو أشباهه ” معاهد النور ” , وكأن المبصرين يجلدونهم صباح مساء بتلك الكلمة التي لا يدري المكفوفون لها معنى ينطبع في أعماقهم إلا معنى الحرمان من نعمة البصر .

لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! almstba.com_1353873556_876.gif

وكم يكره الفقير ذلك الشعور الذي يصدر ممن يعطيه من ماله ممزوجا بنظرة الشفقة المؤلمة وهو يقدم له من المال ما يضطره لمعاودة السؤال مرة بعد مرة , وكأنه يشعر أنه لن يخرج من دائرة الحرمان أبدا , ولن يكون عضوا فاعلا في الحياة بسبب فقره أو عجزه .

لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! almstba.com_1353873556_876.gif

وكم يكره اليتيم حينما يشعر أن ما يناله من اهتمام ورعاية من المسلمين ليس حقا من حقوقه عليهم بقدر ما هو ممزوج بنظرة الشفقة المقيتة التي يراها في أعين كل من رآه أو أعطاه أو مسح على رأسه .

لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! almstba.com_1353873556_876.gif

إن مواساة الفقراء والضعفاء أمر مستحب في الدين , ويحث عليه الخلق الكريم , لكنه إذا قرن دوما بإشعارهم بالعطف والشفقة وأنهم لا يصلحون لشيء سوى لنيل الصدقات وتلقي الإعانات تتحطم نفسياتهم وتجرح كرامتهم , فلا يشعرون بأن لهم نفعا في المجتمع ولن يكون لهم دور فيه , ولن يستفيد المجتمع من مواهبهم وإمكانياتهم ولن يدمجهم فيه , بل سيظلون دوما في عزل دائم ينتظرون فقط العطاء وسيكونون دوما اليد السفلى .

لا تجرحوهم في العطاء ففي جروح المنع غناء! almstba.com_1353873556_876.gif

وهناك عادة لابد من تعديلها في سلوكيات كثير من المنفقين لأموالهم أو الباذلين أوقاتهم وجهودهم على إخوانهم , هي أنهم يعطون إخوانهم المحتاجين ما يسد جوعتهم أو يكسي عورتهم ليعيشوا يوما أو يومين بلا مسألة , يعطونهم ليأكلوا وليشربوا وليلبسوا , يعطونهم عطاء استهلاكيا فقط ليبقيهم على تلك الحاجة أبد الدهر .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى