كيف تتحكَّمين في ذاتكِ؟ 2019

هل تشعرين أحياناً بأنَّكِ وصلتِ لمرحلة متفاقمة من فقدان السيطرة؟ وهل ينتابكِ ذلك الشُّعور السلبيّ بالضياع والتشتت وفقدان التركيز على أهدافكِ وأولوياتكِ؟ هل تساءلت يوماً: هل أجيد التحكُّم في ذاتي؟ وكيف السبيل إلى ذلك؟
يرى علماء النفس وروَّاد التنمية البشريَّة أمثال الدكتور إبراهيم الفقي -رحمه الله- أنَّ التحكُّم في الذات يكون عبر التحكُّم في الأفكار، فعندما تنخفض قوة الأفكار شيئاً فشيئاً تنخفض قوة الإحساس.
كيف تتحكَّمين في أفكاركِ؟
ضعي تحدياتكِ في مكانها الطبيعيّ، ولا تمنحي الأمور أكبر من حجمها، فإذا حدث أن غضبتِ من أمر ما مع شخص معيَّن فلا تقولي: “أنا غاضبة من فلان”، بل قولي: “أنا غاضبة من أمر وسلوك صدر عن هذا الشخص”، وحددي ما أنتِ غاضبة منه بدقَّة؛ لأنَّ العقل يتعامل مع ما تحدديه من أفكار، وبالتَّالي تنبعث الأحاسيس تبعاً لذلك، وما دامت الأحاسيس على قدر الأفكار فسوف تتعاملين معها أسرع وبصورة أيسر.
أمَّا إذا بالغتِ في الأفكار فسينتج عن ذلك أحاسيس مبالغ بها، وإذا قلتِ مثلاً: “أنا مكتئبة” فإنَّ هذه الفكرة تصبح في المكان والزمان والمادة والطاقة، وهذه الأربعة موجودة في موضع يسمَّى “الكونتم”، وهي تتحكَّم في سلوك الإنسان، لذلك فأنت تثيرين المشاكل لنفسكِ حين تقولين: “أنا مكتئبة”، أو “أنا حزينة”، أو “أنا ضعيفة الذاكرة”، أو “أنا فاشلة”، فحينما تقولين أنا وتضعين بعدها أيّ وصف سلبيّ يعتبر العقل ذلك اعتقاداً ويعممه، فكلّ ما تحدِّثين به نفسكِ وتربطيه بأحاسيسكِ وتقومين بتكراره أكثر من مرَّة يصبح اعتقاداً، وإذا كررته أصبح برمجة راسخة تلقائيَّة، أي نوع من التكيُّف العصبيّ، وتلك هي الميكانيكيَّة التي تتكوَّن بها العادات لدى الإنسان.
فكلّ ما تحاولين فعله ويكون في بدايته صعباً يصبح مع التكرار سهلاً حتى تفعليه بصورة تلقائيَّة ويصير عادة، وعلى هذا الأساس يمكننا أن نحدث العادات الإيجابيَّة في حياتنا، ونصبح أكثر تحكُّماً وسيطرةً عليها. فإذا كنت تتحدَّثين إلى نفسكِ بطريقة إيجابيَّة، وأثَّرت في نفسكِ أحاسيس سارة متفائلة، وكررت لكِ أكثر من مرَّة ستخزن وتصبح عادة إيجابيَّة، وسيمكنكِ الاستفادة منها في الوقت المناسب.
لذلك من المهم جداً لكي تتحكَّمين في ذاتكِ أن تنظِّفي ماضيكِ بأن تدركي ملفاته العقليَّة وأفكاره وتركيزه وأحاسيسه وسلوكه، ثم يبدأ التغيير من الإدراك، فإن لم تدركي أفكاركِ سوف تتحرَّك هذه الأفكار في دورتها، وتتحرَّك نحو التركيز، ثمَّ ستنبعث الأحاسيس المرتبطة بها، وستوجه هذه الأحاسيس السلوك، وبهذا ستكونين قد جعلتِ دورتكِ الذهنية تعمل ضد مصلحتكِ، لكن بمجرَّد أن تدركي ذلك ستبدئين في رفض الأفكار التي لن تصل بكِ إلى تحقيق أهدافكِ، وستملكين زمام السيطرة على ذاتكِ وحياتكِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى