كيف أنصح صديقتي من دون أن أتسبب في توتر العلاقة بيننا؟.. 2019

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه،
ونشكر لك حقيقة الحرص على الخير،
ونبشرك بأننا والأطباء الكرام في خدمة أبنائنا والبنات،
ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

وأما فيما يتعلق بالعلاقة مع الصديقة،
فإنا نقول بداية: إن العلاقة الحقة، والصداقة الحقة، لا يمكن أن تقوم إلا على النصح،
وقد أحسن من قال:
أخاكَ أخاك من نصحك في دينك، وبصرك بعيوبك،
وهداك إلى مراشدك،
وعدوك عدوك من غرّك ومنَّاك.

وأي صداقة لا تقوم على النصح هي صداقة مشكوك في صدقها،
ومشكوك في الإخلاص فيها،
ولذلك من الجميل أن يكون بين الصديقات مثل هذا التناصح،
ومثل هذا الحرص على الخير،
شريطة أن يكون الأمر المنصوح فيه، والنصيحة الواقعة،
وفق الضوابط الشرعية والقواعد المرعية التي لا بد أن يراعيها الإنسان.

وأرجو أن يعلم الجميع أنه من الإنصاف عندما نريد أن ننصح أي إنسان،
من حقه أن نختار الوقت المناسب، والألفاظ المناسبة،
والمدخل المناسب إلى شخصيته،
فاختيار الأوقات بأن نختار وقتا يكون فيه قابلا للنصح،
أي لا يكون جائعًا، ولا متوترًا، ولا أمام الناس،
فإن (النصح بين الناس لون من التوبيخ فلا استماع،
فإن خالفتني وعصيتني أمري فلا تجزع إذا لم تُطاع)
هذه أبيات حكمة للإمام الشافعي رحمة الله عليه.

أما بالنسبة لكلمات النصح:
أيضًا ينبغي أن ننتقي الكلمات اللينة والجميلة التي يشع منها الحب،
ويشع منها الحرص، والرفق والشفقة،
وكل ما يتصور من المعاني الجميلة
التي ينبغي أن تظهر عندما ننصح لإخواننا وأخواتنا.

أما بالنسبة للمدخل الحسن:
فلابد أن نبحث عن مدخل حسن إلى نفس هذا الذي نريد أن ننصحه،
فمثلاً قولي لها: (أنت الصديقة المقربة، ويعجبني فيك كذا وكذا وكذا،
وما أروع مواقفك مع أخواتك، وعلاقتك مع الزميلات،
وأنا سعيدة ببرك لوالديك، ولكن أتمنى [مثلا] أن تنتبهي لحجابك،
وأتمنى [مثلاً] أن تنتبهي لكلامك وضحكاتك،
وأتمنى أن تنتبهي لنفسك، فتبتعدي عن مواطن الرجال).

لاحظني نحن قدمنا الكلمات الجميلة، والثناء الجميل،
ثم بعد ذلك أشرنا إشارات لطيفة إلى جانب الخلل الذي نريد أن ننصح فيه،
لذلك أرجو أن يستمر النصح.

وأعجبني وأسعدني أيضًا أنكم بعد النصح، وبعدما يظهر التوتر
تعودون بعد ذلك بالابتسامة، وتعود العلاقة أقوى مما كانت.

وأنا أريد أن أسأل: لماذا التوتر؟ يعني لابد أنه يوجد خلل في طريقة النصح،
فإذا كان هذا النصح له أخطاء كما ذكرنا، كأن:
كان بين الناس، أو كأن كان فيه تحميل للأمور فوق طاقتها وفوق حجمها،
أو أن الأسلوب لم يكن صحيحًا، فإن هذه الأمور قد تسبب التوتر،
ولكن أرجو أن يكون بين الصديقات معرفة أعمق،
فإذا عرفت الصديقة أن صديقتها تدلها على الخير
وأنها لا يمكن أن تنصح لها إلا فيما فيه مصلحة
فإنه ينبغي أن يكون هناك نوع من الاحتمال للقسوة التي قد تصاحب ذلك،
فالأب يحب ولده ولكن يقسو عليه لأجل مصلحته،
ونحن لا نؤيد القسوة، ولكن نتذكر النية والمنطلق،
فالعبرة بالنيات والمقاصد، وليست بالمظاهر والتصرفات والأعمال،
وإن كنا في الكمال نريد أن تكون التصرفات جميلة،
والكلمات جميلة، ونريد فيها الخير، ونريد فيها كذلك المصلحة.

ومن هنا فنحن ندعوك إلى الاهتمام بمواصلة النصح لهذه الصديقة،
التي نعتقد أنها بلا شك ستكون أسعد الناس بهذه النصائح التي تصلحها منك،
وأرجو ألا يكون هنالك توقف عن النصح،
بل الإسلام دعوة إلى الاستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى