كيفية صلاة الجنازة

إنّ لصلاة الجنازة فضلاً عظيماً، فهي سبب من أسباب التّخفيف عن الميت والشّفاعة إن أذن الله تعالى، خاصّة إذا كثر المصلون عليه، وهناك بعض من الأحاديث التي تدلّ على ذلك، فعن مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” ما مِن مؤمنٍ يموتُ فيُصَلِّي عليه أمةٌ مِن المسلمين، يَبَلغون أن يكونوا ثلاثةَ صفوفٍ إلا غُفِرَ له. فكان مالكُ بنُ هُبَيْرةَ يَتَحَرَّى إذا قلَّ أهلُ الجِنازةِ أن يَجْعَلَهم ثلاثةَ صفوفٍ “، رواه الخمسة إلا النسائي.

وعن عائشة رضي الله عنها، عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:” ما من ميِّتٍ تُصلِّي عليه أمَّةٌ من المسلمين يبلغون مائةً، كلُّهم يشفعون له، إلَّا شُفِّعوا فيه “، رواه مسلم. (1)

محتويات

  • ١ كيفية صلاة الجنازة
  • ٢ صفة صلاة الجنازة
  • ٣ أركان صلاة الجنازة
  • ٤ فضل صلاة الجنازة
  • ٥ حمل الجنازة واتباعها
  • ٦ تعزية أهل الميت
  • ٧ المراجع

كيفية صلاة الجنازة

إنّ صلاة الجنازة لا تكون صحيحةً عند أصحاب المذهب المالكيّ إلا بتوفّر خمسة شروط فيها، وهي: النّية، والقيام فيها إلا لعذر، وأربع تكبيرات، والدّعاء بعد كلّ تكبيرة حتّى بعد الرّابعة، والتّسليم مرّةً واحدةً.

أمّا عند أصحاب المذهب الحنبليّ فإنّ لها ستّ أركان، قال المرداوي في الإنصاف:” وأقلّ ما يجزئ في الصّلاة ستّ أركان: النّية، والتّكبيرات الأربع، والفاتحة بعد الأولى، والصّلاة على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في الثّانية، والدّعاء للميت بعد الثّالثة، والتسليمة مرّة “.

وقد وافقهم أصحاب المذهب الشّافعيّ في هذه الأركان، إلا أنّهم زادوا على ذلك ركناً سابعاً، وهو القيام فيها بالرّغم من وجود من يقول بوجوبه من الحنابلة.

مقالات ذات صلة

أمّا عند الحنفيّة فإنّ أركانها أربعة، حيث قال الزّيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدّقائق:” صلاة الجنازة أربع تكبيرات بثناء بعد الأولى، وصلاة على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بعد الثّانية، ودعاء بعد الثّالثة، وتسليمتين بعد الرّابعة “.

وإنّ قراءة الفاتحة بعد التّكبيرة الأولى في صلاة الجنازة يعدّ ركناً من الأركان لدى الحنابلة والشّافعية، وذلك من خلال استدلالهم بعموم حديث:” لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب “، متفق عليه.(2)

صفة صلاة الجنازة

إنّ لصلاة الجنازة صفةً خاصّةً بها، حيث يُصلى على الميّت المسلم، سواءً أكان صغيراً أم كبيراً، ذكراً أو أنثى، كما يصلى على الحمل إذا أجهض وقد بلغ من العمر أربعة أشهر، ويفعل به كما يفعل بالكبير، فيغسّل ويكفّن قبل أن يصلى عليه، ولكن لا يصلى على الحمل إذا سقط قبل أن يتمّ الأربعة أشهر، لأنّ الرّوح لم تنفخ فيه بعد، ولا يغسل أيذاً، ولا يكفّن، وإنّما يدفن في أيّ مكان، وأمّا صفة صلاة الجنازة فإنّها تكون على النّحو التالي: (4)

  • يقف الإمام في الصّلاة على رأس الميّت إذا كان رجلاً، وعلى وسط الميّت إذا كان امرأةً، ويصلي النّاس وراءه.
  • يكبّر الإمام في الصّلاة على الميّت أربع تكبيرات، حيث يقرأ في التّكبيرة الأولى بعد التّعوذ والبسملة سورة الفاتحة، ويصلي على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بعد التّكبيرة الثّانية، حيث يقول:” اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد. وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد “.
  • يدعو المصلي للميت بعد التّكبيرة الثّالثة، والأفضل أن يدعو بما ورد عن النّبي – صلّى الله عليه وسلم – في ذلك، وإن لم يعرفه دعا بما يعرف، ويقف بعد التّكبيرة الرّابعة قليلاً ثمّ يسلم.

أركان صلاة الجنازة

قال الإمام ابن قدامة:” الواجب في صلاة الجنازة: النّية، والتّكبيرات، والقيام، وقراءة الفاتحة، والصّلاة على النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وأدنى دعاء للميت، وتسليمة واحدة، ويشترط لها شرائط المكتوبة إلا الوقت، وتسقط بعض واجباتها عن المسبوق …”، وق ذكر ابن قدامة في كتاب الكافي:” أنّ سننها سبع: رفع اليدين مع كلّ تكبيرة، والاستعاذة قبل القراءة، والإسرار بالقراءة، يدعو لنفسه، ولوالديه، وللمسلمين بدعاء النّبي صلّى الله عليه وسلّم، يقف بعد التّكبيرة الرّابعة قليلاً، يضع يمينه على شماله على صدره، والالتفات على يمينه في التّسليم “. (3)

فضل صلاة الجنازة

وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بجزيل الأجر والثّواب عند الصّلاة على موتى المسلمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” من اتّبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً، وكان معه حتى يُصلَّى عليها، ويفرغ من دفنها، فإنّه يرجع من الأجر بقيراطين، كلّ قيراط مثل أحد، ومن صلّى عليها ثمّ رجع قبل أن تدفن فإنّه يرجع بقيراط “، رواه البخاري.

وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه:” أنّه كان قاعداً عند عبدالله بن عمر، إذا طلع خبّاب صاحب المقصورة، فقال: يا عبدالله بن عمر، ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنّه سمع رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يقول: من خرج مع جنازة من بيتها وصلّى عليها، ثمّ تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر، كلّ قيراط مثل أحد، ومن صلّى عليها ثمّ رجع كان له من الأجر مثل أحد، فأرسل ابن عمر خبّاباً إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثمّ يرجع إليه فيخبره ما قالت؟ وأخذ ابن عمر قبضةً من حصباء المسجد يقلبها في يده حتّى رجع إليه الرّسول فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة، فضرب ابن عمر بالحصى الذي كان في يده الأرض، ثمّ قال: لقد فرّطنا في قراريط كثيرة “.

وقد أكرم الله عزّ وجلّ عباده المؤمنين بأن تفضّل عليهم بشرعيّة الصّلاة عليهم، وقبول شفاعة إخوانهم فيهم، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها، عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال:” ما من ميّت يصلي عليه أمّة من المسلمين يبلغون مائةً كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه “، رواه مسلم. (3)

حمل الجنازة واتباعها

إنّ من الواجب على المسلمين حمل الجنازة واتباعها، وذلك من حقّ الميّت على إخوانه المسلمين، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة، منها:

  • قوله صلّى الله عليه وسلّم:” حقُّ المسلمِ على المسلمِ خمسٌ. وفي روايةٍ: خمسٌ تجبُ للمسلمِ على أخيهِ: ردُّ السّلامِ، وتشميتُ العاطسِ، وإجابةُ الدّعوةِ، وعيادةُ المريضِ، واتِّباعُ الجنائزِ “، رواه مسلم.
  • وقوله صلّى الله عليه وسلّم:” عودوا المريض واتبعوا الجنائز تذكركم الآخرة “، رواه الألباني.
ويكون اتباع الجنائز على مرتبتين، هما:
  • اتباعها منذ خروجها من عند أهلها حتى يُصلى عليها.
  • اتباعها منذ خروجها من عند أهلها حتى يُفرغ من دفنها.

وقد قام رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- بكلا الأمرين، فروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال:” كنَّا مَقدمَ النَّبيَّ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – يعني المَدينةَ ، إذا حضرَ منَّا الميِّتُ آذنَّا النَّبيَّ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – فحضرَهُ واستغفَرَ لهُ، حتَّى إذا قُبِضَ انصرفَ النَّبيُّ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – ومن معَهُ حتَّى يُدفَنَ، وربَّما طالَ حبسُ ذلِكَ علَى النبيِّ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – فلمَّا خَشينا مشقَّةَ ذلِكَ علَيهِ قالَ بعضُ القومِ لبعضٍ: لَو كنَّا لا نؤذِنُ النَّبيَّ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – بأحَدٍ حتَّى يُقبَضَ، فإذا قُبِضَ آذنَّاهُ، فلم يَكُن علَيهِ في ذلِكَ مشقَّةٌ ولا حَبسٌ، ففعَلنا ذلِكَ، وَكُنَّا نؤذنُهُ بالميِّتِ بعدَ أن يموتَ، فيأتيَهُ فيصلِّيَ عليهِ، فربَّما انصرفَ وربَّما مَكَثَ حتَّى يُدفَنَ الميِّتُ، فَكُنَّا علَى ذلِكَ حينًا، ثمَّ قلنا لَو لَم يَشخَصِ النَّبيُّ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – وحَملنا جِنازتَنا إليهِ حتَّى يصلِّيَ علَيهِ عندَ بيتِهِ، لَكانَ ذلِكَ أرفقَ بهِ، فَكانَ ذلِكَ الأمرُ إلى اليومِ “، رواه الألباني. (5)

تعزية أهل الميت

ورد في فضل تقديم العزاء لأهل المصاب فضل عظيم، لحديث عمرو بن حزم أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” ما من مؤمن يُعزِّي أخاه بمصيبة إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة “، رواه الألباني. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” من عزّى أخاه المؤمن في مصيبة كساه الله حُلةً خضراء يُحْبَرُ بها يوم القيامة، قيل: يا رسول الله، ما يُحبرُ؟ قال: يغبط “، رواه الألباني.

وممّا ورد في التّعزية أنّه على المعزّي أن يقوم بتعزية أهل المصاب بما يسلّيهم، ويصبِّرهم، ويحملهم على الرضا بما كتبه الله تعالى، والصّبر، واحتساب الأجر والمصيبة عنده سبحانه وتعالى، ويكون ذلك من خلال ترغيبهم بالأجر والثّواب، ومن ذلك:

  • ما قاله رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – لابنته حينما كان ولدها في الغرغرة، حيث جاء في الحديث:” كنّا عِندَ النبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – إذْ جاءه رسولُ إحدَى بناتِه تدعوه إلى ابنِها في الموتِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:” ارجِع، فأخبِرها أنّ للهِ ما أخَذ وله ما أَعطَى، وكلُّ شيءٍ عِندَه بأجَلٍ مُسَمًّى، فمُرْها فلْتَصبِرْ ولْتَحتَسِبْ “، رواه البخاري.
  • يناسب أن يقال لمن فقد ولده ما ثبت في حديث قرّة بن إياس، قال:” كان نبيُّ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلّم – إذا جلس ، يجلسُ إليه نَفَرٌ من أصحابِه، وفيهم رجلٌ له ابنٌ صغيرٌ، يَأْتِيهِ من خَلْفِ ظهرِه فيُقْعِدُه بين يَدَيْهِ، فقال له النبيُّ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – تُحِبُّه؟ فقال: يا رسولَ اللهِ أَحَبَّكَ اللهُ كما أُحِبُّه! فهَلَك، فامتَنَع الرّجلُ أن يَحْضُرَ الحَلْقةَ، لِذِكْرِ ابنِه، فحَزِنَ عليه، ففقده النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ما لِي لا أَرَى فلانًا؟ فقالوا: يا رسولَ اللهِ بُنَيُّه الذي رَأَيْتَه هَلَك، فلَقِيَهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأله عن بُنَيِّهِ؟ فأخبره بأنّه هَلَك، فعَزَّاه عليه، ثمّ قال: يا فلانُ، أَيُّما كان أَحَبُّ إليكَ: أن تَمَتَّعَ به عُمُرَك ، أولا تأتي غدًا إلى بابٍ من أبوابِ الجنّةِ إلا وَجَدْتَه قد سبقك إليه يَفْتَحُه لك؟ قال: يا نبيَّ اللهِ، بل يسبقُني إلى بابِ الجنةِ فيفتحُها إليَّ، لَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، قال: فذاك لك، فقال رجلٌ من الأنصارِ: يا رسولَ اللهِ جعلني اللهُ فداءَك أله خاصةٌ أو لِكُلِّنا؟ قال: بل لِكُلِّكم “، رواه الألباني.(3)

المراجع

(1) بتصرّف عن فتوى رقم 138769/ صفة صلاة الجنازة في المذاهب الأربعة وفضلها/ مركز الفتوى/ اسلام ويب/ islamweb.net

(2) بتصرّف عن فتوى رقم 56392/ صفة صلاة الجنازة في المذاهب الأربعة/ مركز الفتوى/ اسلام ويب/ islamweb.net

(3) بتصرّف عن كتاب أحكام الجنائز/ د.سعيد بن وهب القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض.

(4) بتصرّف عن كتاب من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز/ محمد بن صالح العثيمين/ الطبعة الأولى.

(5) بتصرّف عن كتاب تلخيص أحكام الجنائز/ محمد ناصر الدين الألباني/ مكتبة المعارف/ الطبعة الثالثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى