قبل اختيار الشريك.. افهم ذاتك أولاً 2019

تزداد تساؤلات الشباب المقبلين على الزواج من الجنسين حول فترة الخطوبة ومدى أهميتها، وتتفاوت الأسئلة من شرعية إلى معرفية أو استشارية حول المشاكل التي تحدث أثناء هذه الفترة، وهل هذه المشاكل تدعو إلى فك الارتباط أم لا؟

وتزداد التساؤلات مع انتشار ظاهرة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج، فأصبح قرار فسخ الخطبة قرارا صعبا على الجنسين، خاصة من قبل الفتيات حين لا تشعر بالارتياح لمن خطبها.

وقد تكون هناك عوامل أسرية ومجتمعية ونفسية تجعل قرار الفسخ صعبا، ولكني أرى أن التراجع خلال هذه الفترة أفضل من التراجع بعد الزواج وإنجاب الأطفال.

اعرف نفسك

ولابد أن يعلم الشباب أن فترة الخطوبة ما هي إلا فترة يتم فيها التعارف الجيد على الطرف الآخر، واختبار مدى أهليته ليكون شريكا للحياة، وهذا هو الهدف الأول من تلك الفترة، ويقع الشباب في الخطأ حين يعتقدون أن الخطوبة هي وعد بالزواج يصعب التراجع عنه، أو هي فترة تنمية للمشاعر والحب دون اعتبار للقرار العقلي والمنطقي.

وهنا تظهر حكمة الشرع في إخفاء الخطوبة وعدم الإعلان عنها؛ لأنها فترة اختبار لإمكانية التفاهم بين الطرفين قد تؤدي إلى الزواج أو تقف عند هذا الحد؛ ولذلك يكون في إخفائها منع للحرج من الطرفين وإعطائهم الفرصة لفسخها إن ثبت فشلها.

ولكي يتحقق الهدف الكامل من الخطوبة يجب أن تتوافر عدة خطوات لابد أن يعيها الشباب المقبل على الزواج من الجنسين، أو هي وسائل هامة لتحقيق الهدف من الخطوبة (التعارف).

وأعتقد أن أولى خطوات الخطوبة الناجحة خطوة (اعرف نفسك):

خلال هذه الخطوة – التي لابد أن تسبق الإقدام على الخطوبة – تتعرف فيها على نفسك وعلى روحك وعقلك وعاطفتك، وعلى قيمك وأهدافك وخططك، وبناء على هذه المعرفة سيكون باستطاعتك تحديد ماذا تريد، وما هي المواصفات التي تحبها في الطرف الآخر؟.

1. الجانب الروحاني:

وأقصد به درجة التزامك الإيماني ومدى أهمية التدين في حياتك؛ لأن هذا الجانب يشكل جزءا كبيرا من دوافعك وقيمك وسلوكياتك، والناس في هذا الأمر درجات وأنواع تبعا لقيامهم بالفرائض وارتكاب الكبائر والتقرب إلى الله بالنوافل وارتكاب الصغائر.

وهل تشعر بالتقصير الديني؟ أم أنت راض عن مستوى علاقتك بخالقك؟ وإن كنت غير راض فهل التقصير في جانب العبادات وعلاقتك بربك أم في الأخلاق وعلاقتك بالناس؟ حدد بالضبط أين أنت حتى يتسنى لك اختيار شريك حياتك مستقبلا، فقد تحدث الكثير من المشكلات نتيجة التفاوت الكبير في مستوى الالتزام الديني.

2. الهوية:

عندما يسألك إنسان من أنت؟ فتجيب أنا (كذا).. فالهوية تحدد نظرتك إلى نفسك سواء كانت سلبية أو إيجابية كيف تراها؟ وما رأيك فيها؟.

من الناس من يقول أنا مسلم، ومنهم من يقول أنا طبيب، ومنهم من يقول أنا فاشل، ومنهم من يقول أنا مصري،أو أنا خجول، أو أنا يائس، أو أنا طموح، فلابد عندما تسأل نفسك من أنت؟، يجب أن تكون إجابتك واضحة؛ لأنها ستحدد الكثير من المعلومات عن نفسك.

فقولي مثلا “أنا مسلم”: سيعني أن قيمي ومعتقداتي وسلوكياتي كلها نابعة من كوني مسلما، وعندما يقول آخر “أنا طبيب”: يعني أن كل حياته واتجاهاته موجهه ناحية عمله ووظيفته، وعندما تقول “أنا خجول”: يعني أنك لا تحسن التعامل مع الناس، وقد تتعرض لمشاكل زوجية نتيجة لذلك؛ لأن الزواج ما هو إلا علاقة اجتماعية ليس بالطرف الآخر فقط، بل بأسرته كاملة.

وعليه فنظرتك إلى نفسك ورؤيتك الموضوعية لها بإيجابياتها وسلبياتها ستحدد الكثير عن نظرة الآخرين لك.

3. الاعتقادات:

هي ما تحمله في عقلك من أفكار تجاه الناس والمجتمع والعالم بأسره، سواء كانت اعتقادات سلبية أو إيجابية.

وأكثر ما يؤثر على الحياة الزوجية هو اعتقاداتك ومفهومك عن الزواج؟ واعتقاداتك عن الجنس الآخر.

فعندما أسالك ما هو الزواج؟

فمن الناس من يقول إنه الحب، ومنهم من يقول إنه الجنس، ومنهم من يقول إنه الأمومة، ومنهم من يقول إنه الحرية والانطلاق من قيد الأهل، ومنهم من يقول إنه الاستقرار، كذلك اعتقاداتك تجاه الجنس الآخر.

النساء كلهم أغبياء: فأنت تتعامل مع النساء من منطق الأفضل والأعلى

ناقصات عقل ودين

خلقن من ضلع اعوج

النساء لا يفلح معهن إلا الشدة

الأنوثة هي الجمال

الأنوثة هي العقل

الأنوثة هي الرقة والنعومة

الرجال كلهم (عينهم زايغة)

الرجال لا ينفع معهم إلا العناد

الرجال ظلمة

الرجولة هي الأخلاق

الرجولة هي الجمال

الرجولة هي القوة

الرجولة هي المال

يختلف اعتقاد الناس حول الزواج، وحول مفهومهم للجنس الآخر.. حدد بصراحة ما مفهومك عن الزواج، وكيف تنظر للجنس الآخر؟، فعندما يرى أحدهم أن الأنوثة هي الجمال فيكون بحثه منصبا على الجميلات، وعندما يتخلى عن هذا الشرط فلن يكتب له النجاح؛ لأنه سيسعى دوما للبحث عن الجمال، وعندما ترى إحداهن أن الرجال كلهم (عينهم زايغة) فقد تتغاضى عن شاب له علاقات نسائية سابقة.

4. القدرات:

وهي ما يميزك من مهارات تختلف فيها عن الآخرين، وما ينقصك أيضا من مهارات تسبب لك مشاكل في حياتك، وأكثر ما يؤثر على حياتك الزوجية هي قدرتك على التواصل مع الناس، فهل تعاني من عدم القدرة على التواصل مع أخواتك.. مع أصحابك.. مع أهلك، أم إنك إنسان يسهل التعامل معه (يألف ويؤلف).

فبقدر قدرتك على التواصل مع الآخرين ستكون قدرتك على التفاهم مع الطرف الآخر، وبقدر تحديدك وصراحتك مع نفسك فيما ينقصك من مهارات بقدر نجاحك في اختيار ما يتناسب معك إن كنت لا تنوي التطوير وتأمل فيمن يتقبلك على علتك، أو إن كنت تنوي التطوير وتعجب بمن يملك مثل هذه المهارات.

5. السلوكيات:

ما هي السلوكيات الإيجابية التي يمدحها الناس فيك؟، وما هي السلوكيات السلبية التي يعاني منها المحيطون بك من أصحابك وأقاربك عند تعاملهم معك؟، إجابتك الصريحة تمكنك من تقييم نفسك وبالتالي تحديد نقاط الضعف لديك.

6. البيئة:

وأقصد بها الوسط الذي تعيش فيه أنت وأهلك وأصحابك وبلدك ومدى تأثيرها عليك؟

مثلا المستوى المادي والاجتماعي لأسرتك، وهل أسرتك منفتحة أم منغلقة؟ وهل أسرتك متدينة أم لا؟ العادات والتقاليد المنتشرة في بيئتك ومدى اقتناعك بها، وهل أسرتك أسرة مترابطة أم مفككة؟ وهل والدك أو والدتك شخصية متسلطة؟.

هذه هي المحددات الأولية لشخصية الإنسان التي لابد أن تعيها جيدا لتتعرف على نفسك بوضوح، وتتعرف على نقاط الضعف ونقاط القوة لديك حتى عندما تقدم /تقدمين على قرار الزواج تستطيع أن تعرف بشكل أفضل ماذا تريد في الطرف الآخر، وكيف يمكن التفاهم معه ومساعدتك على تقويتها؟.

فإن كنت مثلا إنسانا خجولا وغير اجتماعي قد تفضل في اختياراتك من يماثلك الطبع إن كنت راضيا عن طبعك، أو ستختار الاجتماعي الذي يعينك على تغيير هذا الطبع، وستكون صريحا معه تجاه هذه النقطة وتطلب منه أن يعينك على إصلاح هذا الطبع، وبالتالي سيكون أكثر تفهما وأكثر قدرة على الصبر والتحمل.

وعندما تعلم نقاط القوة في شخصيتك ستكون قادرا على استخدامها الاستخدام الأمثل لتقوية العلاقة بشريك حياتك، وعندما تعلم نقاط الضعف فإنك تكون قد خطوت خطوة جيدة نحو تطويرها وتنميتها إن أردت، وعلى هذا الأساس ستختار شريك حياتك، وستكون صريحا معه وستحدد له الدور الذي يمكن أن يلعبه كي يساعدك على تطويرها وسيكون هو/هي أكثر تفهما لهذه النقطة بحيث لا تسبب لكما مشاكل مستقبلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى