عندما يدمن أطفالنا المخدرات !

وتقول مديرة مركز حياة لعلاج الإدمان إن (90%) من المترددين لتلقي العلاج طلاب دون الثامنة عشر من العمر بجانب فتيات ونساء.

لعلم أخواني القراء أن من لم يبلغ الثامنة عشر من عمره يعتبر ، بموجب قانون الطفل المعيب ، طفلاً لذلك فإن ما يفري الكبد ويفقع المرارة أن هؤلاء المدمنين أطفال فبربكم أي هوان وأي غفلة تكون قد حاقت بنا إذا لم نقتنع بأن كارثة كبرى حلت بمجتمعنا لا تقل هولاً وخطراً من الأزمة الاقتصادية التي تُمسك بخناق بلادنا، وهل من كارثة أكبر من أن يُشكِّل الأطفال (90 %) من مدمني المخدرات؟!

ماذا دهانا أيها الناس ومن هو المسؤول عن تلك الكارثة التي اخترقت كل أسوار مجتمعنا الحصينة حتى وصلت إلى الأطفال في محاضن أمهاتهم وآبائهم بعد أن اخترقت مدارسهم؟!

بربكم أليس الأحرى بنا جميعاً أن نخرج إلى الشارع لنُهيل التراب على رؤوسنا ونلطم الخدود ونشق الجيوب حزناً على فشلنا في صد هذا الوباء الفتاك الذي اجتاح مجتمعنا بالطول والعرض ولم يستثن حتى أطفالنا؟

قبل أيام قليلة عقد رئيس الوزراء حكومة انتفاضة عام 1985 د.الجزولي دفع الله مؤتمراً صحفيا ليدق ناقوس الخطر ويعلنها داوية أن مصيبة كبرى حلت بمجتمعنا تقتضي تحركاً شاملاً من كل أطراف الدولة.

د.الجزولي بصفته رئيس اللجنة القومية لمكافحة المخدرات أورد إحصائيات صادمة عن انتشار هذه الآفة التي عجزت كل الآليات السابقة عن صدها بعد أن وصلت إلى تلاميذ وأطفال المدارس وبعد أن تحولت إلى سيل عرم يكتسح كل شيء يقف أمامه.

صحيح أن حملة قومية للمكافحة قد دشنت ولكن الأمر أكبر من ذلك ويحتاج إلى معالجات استثنائية كتبت عن بعضها قبل أيام لكن على مديرة الحملة د.نورالهدى محمد الشفيع أن تخرج من (صندوق) المعالجات التقليدية التي لو كانت مجدية لما حدث ذلك الطوفان الذي بات مهدداً خطيراً لأمننا المجتمعي وذلك باستخدام التقنيات الحديثة المستخدمة في الدول الأكثر تطوراً.

إن الأمر أكبر من أن تُحيط به آلية تقليدية وينبغي أن تتضافر كل الجهود ولا تستثني رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والولاة والبرلمان القومي والمجالس التشريعية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

قبل أيام قليلة تحدثت إلى لجنة التربية والتعليم بالمجلس الوطني برئاسة د.انتصار أبوناجمة وبحضور وزيرة التربية والتعليم الأستاذة مشاعر الدولب وكان خطابي موجهاً للوزيرة سيما وقد تحدثت عن تعديل المناهج.

قلت لها معلقاً على شيخ الخلوة الذي اغتصب عدداً من الأطفال في القضارف ممن أؤتمن عليهم إن ذلك الشيخ الكذوب لا يختلف عن حمار يحمل أسفاراً فهو مجرد (ريكوردر) أو مسجل لم يلامس القرآن بشاشة قلبه وقدمت سؤالاً ظللت أردده : هل قال الله تعالى في كتابه إنما يخشى الله من عباده العلماء أم الحفاظ؟ لذلك أقول إنه ينبغي أن تنصب الوزارة أمامها وهي تضع مناهج التربية الإسلامية هدفاً أسمى يركز على (بناء القناعات) لدى التلميذ وأن يُصار إلى لجنة من العلماء يضعون منهجاً يحقق تلك الغاية النبيلة حتى يحصن الطفل من هذه الموبقات التي تجتاح مجتمعنا هذه الأيام مثل المخدرات وغيرها؟

إن على الدولة في أعلى مستويات الحكم أن تُعطي هذه القضايا الاجتماعية الاهتمام اللائق بها ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما بُعث إلا ليُتمِّم مكارم الأخلاق ولم يطلب من الذين مكنهم من الحكم أعظم وأولى من إصلاح المجتمع وتعميق تدينه بالصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

إنها صيحة نذير ينبغي أن تُحظى بعناية الدولة بكل مؤسساتها العامة والخاصة مع تكثيف التوعية الأسرية فلو علمت الأسر السودانية كافة أن الشريحة الأكثر عرضة للمخدرات هي فلذات أكبادها لربما حرص الآباء والأمهات أكثر على رعاية وحراسة أولئك الأبرياء المستهدفين من شياطين الإنس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى