عندما تحاصركي مشاكل الحياة فليكن اختياركي هو السعادة 2019

يجب ألا ندع مشاكل الحياة أيا كانت تقضي على بهجتنا، ويجب أيضا ألا نرضى بالقليل من السعادة، بينما نحن نستحق بهجة حقيقية وفرحة من القلب حتى في أصعب الأوقات. هذا هو ما يؤمن به كاي وارن مؤلف كتاب “اختر البهجة الحقيقية لأن مجرد السعادة لا يكفي” أو “Choose Joy: Because Happiness Isn’t Enough”.
حظي كاي وارن بتربية دينية ملتزمة في صغره وشب على ذلك، وعمل مدرسا ثم احترف تأليف الكتب.
يرى المؤلف أن كلا منا يمكن تشبيهه بإناء شفاف يمكن أن يملأه الاكتئاب والحزن والكدر بمادة قاتمة داكنة تمنع الرؤية من خلاله، ودورنا هو ألا نسمح مطلقا بهذا الكدر بتعكير إنائنا، ونستعين بصفائنا الروحي والتزامنا الديني والأخلاقي حتى يصفو الإناء من جديد ويمكننا الشعور بسلام وصفاء داخلي وإحساس أكيد بالبهجة.
ويؤكد المؤلف أن هذا الأمر ليس سهلا بالتأكيد، ولم يكن يوما كذلك بالنسبة له هو نفسه، رغم تربيته الروحية والتزامه الأخلاقي والديني، ويؤكد أنه كان في البداية يبكي بمنتهى السهولة ولا يستطيع تحمل الآلام التي تمر به في حياته أو حتى تلك الآلام التي يرى الآخرين يعانون منها، لكن مع الوقت وترويض النفس بدأ الوضع يتغير، واكتشف أن السر يكمن في عدم الاستسلام لسحب الحزن والهموم وهي تتراكم بداخل النفس، والعمل على مكافحتها وطردها أولا بأول بالإيمان بالله وبقضائه وبالتأمل في جمال الطبيعة ونظام الكون.
ومن يقرأ الكتب السماوية، سيجدها جميعا تحث على الصبر والتفاؤل والتسليم بقضاء الله وطلب المساعدة من الخالق والعفو عند المقدرة وعدم الاستسلام للرغبة في الانتقام. ورغم صعوبة الالتزام بهذه الأوامر الإلهية إلا على من بلغ مرتبة رفيعة من الإيمان، فإن الأمر يستحق المحاولة والمزيد من المحاولة كلما ازداد الإنسان عمرا وتجارب، إلى أن يتمكن من الامتثال بسكينة وهدوء نفس لكلمات الله، وهنا يجد السعادة الحقيقية.
ويشبه المؤلف صعوبة هذا الأمر بما يشعر به شخص مقعد يتنقل بمقعد متحرك، عندما نطلب منه أن يصعد إلى قمة جبل إفرست! في مثل هذا الموقف ستكون إجابته التلقائية هي: مستحيل!
لكن في الوقت نفسه لا يمكن لأحد منا أن ينكر أن الكثير من المقعدين والمعاقين يقومون بإنجازات وبطولات حقيقية على أرض الواقع وكل يوم، وأمامهم نتوقف في انبهار حقيقي، لأنهم يحققون المستحيل بعينه. لكنهم ليسوا بمفردهم، ولم يعتمدوا على قوتهم الإنسانية الفانية وحدها، بل شحذوا كل إرادتهم وصمودهم متسلحين بإيمانهم بالله واعتمادهم عليه، فكان تحقيق الله لوعده بأن من يتوكل عليه حق تكاله لن يخذله أبدا.
لذا يجب ألا نستسلم مهما كانت الاحزان ثقيلة والهموم كبيرة، بل يجب أن نواجهها أولا بأول بسلاح التسليم بإرادة الله والابتسام اعتمادا على الله وثقة في أنه لن يضيعنا، ولن يتركنا أبدا بمفردنا في مواجهة المشاكل والآلام والأحزان… هنا سيتحول عبوسنا إلى ابتسامة صافية، وتجف دموعنا، وتتبدد غيوم أحزاننا، ونضع أقدامنا على أول طريق السعادة الحقيقية والبهجة الدائمة، وسيحسدنا الآخرون على هدوء بالنا ووجوهنا الصافية الجميلة.
لكن الحذر كل الحذر من عدم الاستمرار في هذه الحالة، واليأس سريعا من رحمة الله، فإذا اختلت ثقتك في لحظة في أن الله معك وسيهزم أحزانك ويحل مشاكلك مهما كانت، ونفذ صبرك، ستعود الأحزان لتهاجم نفسك بضراوة أشد وأقوى من أي وقت مضى، وتكون النتيجة الطبيعية هي السقوط في بئر من التعاسة والانهيار المعنوي.
الكتاب جميل وقيم، ويضرب فيه الكاتب الكثير من الأمثلة التوضيحية ليوضح فكرته، ويجذب القارئ حتى يصل سريعا دون أن يشعر إلى الصفحة الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى