سياسة (الدروشة) !!.. بقلم الهندي عز الدين

السودان اليوم:

نشرت صحف وإذاعات إسرائيلية وبريطانية تسريبات عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ، مفادها أن الدولة العبرية بصدد إقامة علاقات دبلوماسية خلال الفترة المقبلة مع عدد من الدول العربية، لم تسمها ، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرغب في زيارة السودان والبحرين .
الرئيس التشادي “إدريس ديبي” الذي وصل “تل أبيب” (الأحد) الماضي في زيارة استغرقت ثلاثة أيام ، أطلق تصريحات للإعلام الإسرائيلي عقب لقائه ” نتينياهو ” قال فيها إنه مستعد للتوسط بين السودان وإسرائيل ، مؤكداً أن زمن الحروب انتهى وقد أظلنا زمن السلام ، مشيراً إلى ارتباطه بعلاقة جيدة مع الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” .
أول رد فعل من الخرطوم صدر عن حزب المؤتمر الوطني، حيث نفى رئيس القطاع السياسي الدكتور “عبد الرحمن الخضر” وجود أي توجه للتطبيع مع إسرائيل .
وزير الإعلام والاتصالات “بشارة جمعة أرو” كان أكثر حدة وتطرفاً عندما قال إن العداء بين السودان وإسرائيل سيستمر إلى قيام الساعة !!
غير أن وزير الدولة بالخارجية “أسامة فيصل”، قال إن ما صدر من إسرائيل مجرد تقارير إعلامية وإنهم كدولة لها مؤسسات لا يهتمون بمثل هذه التسريبات ، وإن موقف الحكومة ثابت من القضية الفلسطينية ولم يتغير .
في رأيي .. أنها تسريبات مقصودة وهي (بالونة اختبار) للموقف الداخلي في السودان ، وكان ينبغي التعامل معها بحنكة سياسية وعمق دبلوماسي ومخابراتي ، يتجاوز النفي والتحدي باستمرار المقاطعة (إلى يوم القيامة) ، إلى تفكيك الرسالة الإسرائيلية ، ودراستها بتأنٍ وروية ، ومعرفة مقاصدها ، وكيفية الاستفادة منها لصالح بلادنا على كافة الأصعدة ، دون بلوغ مرحلة التطبيع أو الموافقة على زيارة ” نتينياهو ” للخرطوم .
إسرائيل تسعى إلى الحصول على تصريح من سلطة الطيران في بلادنا بمرور طائرات شركة “العال” فوق الأجواء السودانية باتجاه غرب أفريقيا ومنها إلى البرازيل التي تقيم معها علاقات تجارية كبرى ، فماذا يمكن أن يحقق السودان من وراء تصريح مرور طائرات “العال” ؟! هذا السؤال يجيب عليه مركز التفكير السياسي والدبلوماسي في دولتنا ، لو كان له وجود أو فاعلية .
العالم من حولنا يتحرك ، إثيوبيا وإريتريا طبعتا علاقاتهما وقطعتا شوطاً في جني اتفاق المصالح الاقتصادية بفتح الحدود بين البلدين ، واستخدام الموانئ الإريترية لصالح الصادرات والواردات الإثيوبية .
وتشاد جارتنا الغربية تباغت دولتنا بهذه الزيارة الرئاسية لدولة معادية ، بل تعلن إمكانية التوسط بيننا وتلك الدولة ، ونحن نغط في نوم عميق !!
السودان يتحرك أو .. (لا) يتحرك بين السعودية ، قطر ، الإمارات ، مصر وتركيا ، دول التكتلات والتناقضات الكبيرة ، فيصبح هنا ، ويمسي هناك ، ولا فائدة مرجوة من هذا .. ولا ذاك !!
إلى متى تستمر سياسة (الدروشة) في علاقاتنا الخارجية ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى