خيال المآتة.. بقلم هنادي الصديق

السودان اليوم:

لا يساورني أدنى شك في أن ضمير شباب السودان ما زال مستيقظاً عندما نامت ضمائر المسؤولين. رغم ما يُحاك من مؤامرات أبطالها قيادات عُليا لا يهمها من أمر الوطن إلا ما يحقق لها تطلعاتها وأحلامها البائسة.
مؤامرات دنيئة يخطط لها نافذون بالمؤتمر الوطني، تستهدف استقرار الكثير جداً من مناطق بلادي من التي ظهرت فيها ملامح ثروات طبيعية. استيلاء على العديد من الساحات العامة وبيعها دون تفويض لصالح جهات خارجية ومستثمرين أجانب الله وحده يعلم مصير ما ينتظر البلاد من هذه الصفقات، دعس على كل شيء يخص المواطن في معاشه. تجفيف مدارس حكومية وإنشاء أخرى خاصة على أنقاضها، ظهور عشرات الجامعات الخاصة والمستشفيات المملوكة لأفراد في مساحات عامة داخل أحياء سكنية، ودون أدنى التزام بالمعايير الفنية والمهنية المطلوبة.
مذبح للفراخ داخل مزارع خاصة بنافذين وإلقاء مخلفاتها بالنيل دون الإلتفات لما يمكن أن يسببه ذلك من كوارث بيئية بالمنطقة.
المستفيدون من المال العام، وأصحاب المصالح الشخصية مع أهل المؤتمر الوطني، في طريقهم للسقوط بعد أن تساقطت أقنعتهم توالياً، حتماً لن يفيدهم تفصيل قانون (التحلل) على مقاسهم، فهم أحرارٌ طلقاء الآن، ولكن (إلى حين)، بينما تُبتر أيادي الفقراء والجوعى في الأرياف والأطراف.
تكررت ظاهرة اغتصاب وقتل الأطفال، وتعددت حوادث ضحايا تهور النظاميين، وكثرت الأخطاء الطبية، وبات الانهيار الأخلاقي دليلاً على ما وصل إليه المجتمع، تكرار حوادث وتفشي ظواهر، ولا زلنا ولا يزال أهالي الضحايا ينتظرون سطر إدانة واحد لن يأتي من قبل المسؤولين.
حاويات النفايات المشعة التي فتكت وما زالت تفتك بالمواطن أينما وجدت، ظلت في حالة كر وفر، ونفي وإدانة بين المواطن والمسؤول، وحاويات المخدرات ما زالت تهبط أرض السودان كل فينة والأخرى ولا أحد يعلم مصيرها بعد ضمان وصولها لأجهزة الإعلام، ما يعضد فرضية تبعيتها لنافذين. تطاولت الصفوف وتزايدت أعدادها أمام أفران الرغيف وفي طلمبات البنزين وأمام صرافات البنوك، وانتظاراً لمواصلات أضحى انتظارها مثل انتظار هلال العيد.
يبقى لحين السداد، مادة في قانون تنتظر التعديل وفقاً لظروف ومتغيرات المجتمع، إذ لا يمكن أن يُسجن شخص في 5 مليون جنيه لسنوات أسوة بمن في ذمته 500 مليار، مادة تسببت في بتر وتشتيت الأُسر والعائلات وحولت الكثير من أفرادها ليكونوا عالة على المجتمع بعد تفشي الظواهر السالبة بسبب غياب رب الأسرة وضياع مستقبل أفرادها.
شخصياً لو كنت مسؤولة، لسجنت نفسي قبل أن يُسجن أي مواطن حاول السرقة ليأكل، ولبترت يدي قبل أن أبتر يد سارق مدَّ يده بحثاً عن لقمة العيش التي باتت عسيرة على غالبية الشعب، ولسألت نفسي من أين وكيف يأكل من لا يكفي مرتبه ثمن علبة دواء وكيلو لحمة، ورغيف أسبوع. وبالتأكيد لم يدخل في هذا المرتب إيجار سكن، وسداد فاتورة المياه والكهرباء والمواصلات.
لو كنت مسؤولاً لطرحت الثقة في نفسي قبل أن يطرحها المواطن ويقوم بلفظي. الوضع الحالي أضحى يشير إلى اقتراب النهاية، ولكنها نهاية مفخخة حيث ما زالت المعارضة السودانية تبحث عن مفاتيح أبواب النظام التي تظنها مغلقة، وهي لا تدري أن هذا النظام تصدعت أبوابه منذ سنوات، وبات جالساً في العراء في انتظار مَن يحمل (سيف عُشر) ليقضي على خيال المآتة المُسمى “نظام حاكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى