خطبة إنها حضارة العبيد , لفضيلة الشيخ محمد حسان

أحبتي في الله :

(( إنها حضارة العبيد ))

هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك فأعيروني القلوب والأسماع فإن هذا الموضوع في هذه الأزمة الحرجة التي تمر بها أمتنا من الأهمية بمكان وسوف ينتظم حديثي مع حضرتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية :

أولاّ : كلمات لها مغزى .

ثانياّ : حضارة العبيد .

ثالثاّ : حضارة الإسلام و الإنسانية الواحدة .

رابعاّ : حضارة الإسلام و الأخلاق الفريدة الفذة .

خامساّ : حضارة الإسلام و الرفق بالحيوان .

وأخيراّ : أمانة أطوق بها الأعناق .

أعرني قلبك وسمعك أيها الأخ المبارك فإن هذا الموضوع في هذا الظرف الحرج من الأهمية بمكان .

أولاّ : كلمات لها مغزى :

أستهل بها الحديث عن هذا الموضوع الخطير الهام وأقول لا حاضر لأمةٍ تجهل ماضيها ، ولا مستقبل لأمة تنسي فضائلها ، وإذا كان الوقوف أمام الماضي للبكاء والنحيب عليه ، هو شغل الفارغين العاطلين التافهين !! فإن ازدراء الماضي بكل ما فيه من خير ونور هو شأن الحاقدين والجاهلين !!

ومن السفه أن تنطلي علينا الآن خطط الأعداء الذين حاولوا بكل سبيل أن يحولوا بين أجيال الأمة المعاصرة وبين الماضي المشرق المجيد حتى لا تستمد الأجيال من الماضي المجيد المشرق نوراً يضيء لها طريق المستقبل وشعلة توقد شموس الحياة ، ودماء تتدفق في عروق المستقبل والأجيال .

إن كل أمة من أمم الأرض تعتز بماضيها ، ولو كان أسودَ مظلماً كظلام الليل ، وتعقد له الاحتفالات بل وتمنح أبناءها في الوظائف الرسمية العطلات والإجازات ، وإن أحق أمم الأرض بهذا الاعتزاز و الافتخار بجدارة واقتدار بل وبشهادة العزيز الغفار هي أمة نبينا المختار ، قال سبحانه و تعالي : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ … [آل عمران:110] .

فَكّرْ جيداً في هذه الكلمات لتعلم أنه من الخطر العظيم أن يحال بين ماضينا المشرق وبين مستقبلنا . أسأل الله أن يجعله مستقبلاً زاهراً للإسلام والمسلمين.

ثانياّ : حضارة العبيد :

نعم إنها حضارة العبيد ، إنها الحضارة الخاوية الروح التي يمتطي جوادها الآن الرجل الغربي ، ليسوم البشرية كلها سوء العذاب ، فلقد شهدت البشرية اليوم في ظل حضارة العبيد هذه ما لا يمكن علي الإطلاق أن تجسده كلمات قواميس اللغة!!
فإن البشرية الآن تشهد من صنوف الوحشية والبربرية – في ظل حضارة الرجل الغربي الذي تقدم ليقود العالم كله في ظل تأخر أمة القيادة – ما تخجل الوحوش الضارية أن تفعله ببعضها في عالم الغابات . ليست مبالغة ، ما عليك إلا أن تنظر إلي الواقع المرير للبشرية المنكوبة التي حادت عن منهج ربها منهج نبيها .

نعم يا أيها المسلمون إننا نقر أنه لابد للحضارة من عنصرين ألا وهما : العنصر المادي، والعنصر الأخلاقي .

ونحن لا ننكر ألبته ما وصلت إليه الحضارة الغربية في عالم المادة ، فليس من الإنصاف ولا من التعقل أن ننكر ذلك بل إننا نثبت ذلك للحضارة الغربية في عالم المادة . نقر بأن الرجل الغربي قد انطلق بعيداً بعيداً في أجواء الفضاء ، وانطلق بعيداً بعيداً في أعماق البحار والمحيطات ، وفجَّر الذرة وصنع القنبلة النووية ، وصنَّع القنابل الجرثومية ، بل وحوَّل العالم كله إلي قرية صغيرة عن طريق هذا التقدم المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات.

لا ننكر ذلك أبداً ولا نتجاهل هذا ، ولكننا علي يقين جازم – كذلك – أن الحياة ليست كلها مادة ، وإنما لابد وإن استطاع طائر جباراً أن يحلق في أجواء الفضاء بجناح واحد لا يستطيع أن يواصل طيرانه وتحليقه وإنما سيسقط حتماً لينكسر جناحه الآخر ، وإن طالت مدة طيرانه في هذا الفضاء الفسيح. فالحياة ليست كلها مادة ، بل لابد للجانب الأخلاقي من تواجد فعال في هذه الحضارة.

إن الحضارة المادية الآن التي وصلت إليها الحضارة الغربية ما استطاعت أن تمنح الإنسان – ابن هذه الحضارة – ما استطاعت أن ترتقي به إلي طهارة إنسانيته أو إلي وضاءة آدميته ، ما استطاعت أن توفر لابن هذه الحضارة راحة البال .. وانشراح الصدر .. وطمأنينة النفس .. كلا ، ما استطاعت أن تمنح الإنسان هذا كله ، بل يقف علماء النفس والطب الآن في حيرة ودهشة أمام هذه الحالات المتزايدة لعدد المصابين بالأمراض النفسية والعصبية ، وأمام هذه الحالات الهائلة للانتحار الجماعي في مثل هذه البلاد المتحضرة التي وصل فيها الإنسان إلي ما وصل إليه في جانب المادة كما تعلمون وكما ترون وكما تسمعون وصدق الله – عز وجل – إذ يقول : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طـه: 124 – 127]

لقد عجزت الحضارة المادية أن ترتقي بإنسانها – ابن هذه الحضارة الخاوية الروح – عجزت أن ترتقي به إلي السعادة .. إلي انشراح الصدر .. إلي راحة الضمير .. إلي طمأنينة النفس وراحة البال .. عجزت لان الروح لا توزن بالجرام ، ولا تقاس بالترمومتر ، ولا تخضع للتجارب المعملية في أحد المعامل إنما هذه الروح يعجز أي إنسان علي هذه الأرض أن يقدم لها المنهج الذي يرتقي بها ، وأن يقدم لها المنهج الذي يغذيها ، إذ لا يستطيع أن يقدم لهذه الروح منهج صلاحها و فلاحها في الدنيا والآخرة إلا خالق هذه الروح قال جل وعلا : أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير [الملك:14]

نعم أيها الأحبة الكرام :

الحضارة الغربية فقدت العنصر الأخلاقي ، ومن المعلوم أن سنة الله في تطوير الحياة أن الحضارة اللاحقة لابد أن تتفوق على الحضارة السابقة في الجانب المادي حتماً ، هذه سنة من سنن الله في تطوير هذه الحياة ، فمن العبث أن نطالب الحضارة السابقة بما وصلت إليه الحضارة اللاحقة في جانب التطوير المادي.

واضرب لكم مثالاً ليتضح ما أقول انظر الآن إلى الكتابة في الماضي السحيق ثم انظر الآن إلى الكتابة بعد هذا التطوير المذهل في آلات الكتابة الحديثة التي تطبع الآن عشرات الآلاف من الكلمات في الدقيقة الواحدة ، فما وصل إليه الغربي الأن إنما هو محصلة لأدمغة وعقول عشرات الأجيال، لكن محال أن ترتقي حضارة على ظهر الأرض أو أن تدوم بالعنصر المادي فقط أبداً أبداً ، بل إن الحضارة لا تسود ولا تبقي إلا بالعنصر الأخلاقي ليحدث التوازن بين هذا العنصر المادي وبين هذا العنصر الأخلاقي.

هنا .. أرجع البصر مرة ومرة .. وكرة بعد كرة إلى العنصر الأخلاقي في ظل قيادة الرجل الغربي لتعلم أنها حضارة قد تجردت من الأخلاق ، ولتعلم أنها حضارة العبيد يسعد فيها ابن الحضارة الكافرة بأن يجلس لا على كرسي بل علي عظام أخيه الإنسان !!! ليسعد فيها ابن هذه الحضارة لا بشرب كأس من الماء البارد وإنما بشرب برك دماء لإخوانه هنا وهناك !!

انظر لتتعرف علي حقيقة هذه الحضارة ، التي تجردت من كل خُلق ومن كل فضيلة.

انظر الآن و راجع البصر إلى ما يجري الآن على أرض البوسنة ،و ارجع البصر كرة أخرى على ما يجرى الآن على أرض الشيشان !! و ارجع البصر كرة ثالثة إلى ما يجرى الآن على أرض فلسطين!! وارجع البصر كرة رابعة إلى ما يجرى الآن علي أرض العراق !! وارجع البصر كرة خامسة إلى ما يجرى الآن على أرض كشمير !! وارجع البصر كرة سادسة وسابعة وعاشرة وألف إلى ما يجرى الآن في كل مكان وُحِّدَ فيه الملك جل جلاله !! لتعرف إلى أى درك دني وصلت حضارة الغرب في جانب الأخلاق !! ‍‍وإن خرج إلينا ابن هذه الحضارة بهذه الشعارات الرنانة الجوفاء كحقوق الإنسان والديمقراطية المشؤومة ، وحرية المعتقدات ، والنظام العالمي ، والسلام العالمي ، إلى آخر هذه الدعاوي الكاذبة التي لم تعد تنطلي الآن إلا على السذج والرعاع هذه الأفعال البشعة التي تبين بجلاء – لكل ذي لب – حضارة الغرب في هذه الأيام رغماً عن أنف الدجل الإعلامي والعهر السياسي الذي يتغنى به قادة الغرب في قاعات المؤتمرات و في المجالس و الهيئات والمنظمات.

يتغنى قادة العالم الغربي بهذه الشعارات والواقع يكذِّب الدجل الإعلامي ويكذب هذا العهر السياسي.

ولأبين لحضرتكم قيمة هذه الحضارات التي يتغنى بها أولئك وهؤلاء في كل مناسبة و بدون مناسبة ففي أربع سنوات فقط قُتِلَ على أرض البوسنة بمنتهى الوحشية البربرية ما يزيد على نصف مليون في ظل حضارة الرجل الغربي !! اغتصاب جماعي منظم للنساء على أرض البوسنة على مرأى ومسمع من ابن الحضارة الغربية التي يتغنى بها في الليل والنهار !! صرخت المسلمة . صرخت باسم الإنسانية . صرخت في الضمير العالمي
كله وقالت:

أنا أيها الناس مسلمة طوى
أخذوا صغيري وهو يرفع
ولدي وتبلغني بقية صرخة
ويجرني وغدٌ إلى سردابه
ويئن في صدري العفاف ويشتكي
أنا لا أريد طعامكم وشرابكم
عرضي يدنس أين شيمتكم؟
أختاه أمتنا التي تدعونها
أودت بها قومية مشئومة
إن كنت تنتظرينها فسينتهي
فمدي إلى الرحمن كف تضرع
لا تيأسى فأمام قدرة ربنا

أحلامها الأوباش والفساق
صوته أمي و في نظراته إشفاق
مخنوقة و يقهقه الأفاق
قهراً وتظلم حولي الأفاق
طهري وتغمض جفنها الأخلاق
دمي هنا يا مسلمون يراق
أما فيكم أبِىٌّ قلبه خفاق
صارت على درب الخضوع تساق
وسري بها نحو الضياع رفاق
نفق وتأتي بعده أنفاق
فلسوف يرفع شأنك الخلاق
تتضائل الأنساب والأعراق

هذا ما يُفعل بالمرأة في ظل الحضارة الغربية !! هذا ما يفعل بالمرأة في ظل النظام العالمي الجديد !! هذا ما يفعل بالمرأة في ظل السلام العالمي !! هذا ما يفعل بالمرأة على مرأى ومسمع من ابن الحضارة التي يتغنى بحضارته الخاوية الكافرة في الليل والنهار !! حتى الأطفال شهدوا – في ظل حضارة الغربيين -ما لا يمكن لمخلوق على ظهر الأرض أن يجسد حتى الأطفال لم يسلموا – في ظل حضارة العبيد التي يمتطي جوادها الآن الرجل الغربي – حتى الطفل يستخدم الآن على ارض البوسنة كدرع بشرى!! بمعني أن يفخخ الأطفال بالألغام يعلنوا في مكبرات الصوت انهم قد أفرجوا عن مجموعة كبيرة من الأطفال ، فإذا ما وصل الأطفال إلى قواعد البوسنة المسلمة وخرج القادة وخرج الأهل لاستقبال أطفالهم و أبنائهم ، يقوم الصرب عن طريق أجهزة التحكم بُعد التي تعرف بالريموت كنترول فيفجر الصرب الألغام في هؤلاء الأطفال المساكين فيقتل الأطفال ويقتل كل من خرج لاستقبالهم!!!

في ظل حضارة الغربي الفاجر ، حتي الطفل لم يَسْلَم !! المرأة لم تسلم !! الشيخ الكبير لم يسلم !! الرضيع الصغير لم يسلم !! بل كانوا يأتون بالأم وينْزعوا ولدها الرضيع من صدرها !!

بل لقد نشرت وكالات الأنباء بالصور أنهم كانوا يبقرون البطون ويخرجون الأجنة من بطون أمهاتهم !! ينتزع الطفل من صدر أمه وتقيد الأم بالأغلال ويوضع الطفل على النار ليشوى ، والأم تنظر ، فإذا ما انتهى هؤلاء الفجرة من شَيِّهِ أُجبرت الأم – تحت تهديد الرصاص- أن تأكل من لحم طفلها المشوى ، في ظل الحضارة الغربية يفعل هذا بالأطفال قتلوا أربعين ألف طفل ، وشردوا مائة ألف طفل في مخيمات اللاجئين في زغرب في مقدونبا في ألبانيا في الملاجيء الكنسية في أوربا كلها ، حتى الأطفال لم يسلموا في ظل حضارة الغربي أطفالنا . فكر الآن في طفلك ، فكر الآن في ولدك لتشعر بما أقول

.

أطفالنا ناموا على أحلامهم

أطفالنا بيعوا وأوربا التي

وعلى لهيب القاذفات أفاقوا
تشري ففيها راجت الأسواق

أطفالنا بيعوا ، يباع الطفل المسلم الآن في أوربا بمائة دولار فقط !! تشهد أوربا الآن أبشع تجارة رقيق في التاريخ كله للأطفال ، بل يستخدم الطفل الآن كفأر تجارب في معامل أمريكا وفي إنجلترا وهولندا ، في هذه الدول التي تتغنى بالحضارة المكذوبة الكافرة الفاجرة !!!

أين النظام العالمي؟ اما له أثر؟ ألم تنعق به البواق
أين السلام العالمي؟!!لقد بدا كذب السلام وزاغت الأحداق
يا مجلس الذي في ظله كسر الأمان و ضيع الميثاق
أو مايحرك الذي يجرى لنا او ما يثيرك جرحنا الدفاق
يعفى عن الصرب الذين طغوا و أجيروا و يفرد بالعقاب عراق
وحشية يقف الخيال امامها متضائلا وتمجها الذواق

إنها ورب الكعبة حضارة العبيد إنها .. حضارة العبيد بكل المقاييس . أين هذه الحضارة التي يفعل الإنسان فى ظلها بأخيه الإنسان ما تستحي الوحوش الضارية أن تفعله ببعضها البعض في عالم الغابات ؟!!

هل نسيتم ما فعله ابن هذه الحضارة بقنبلته النووية في هيروشيما و نجازاكي؟

هل نسيتم ما يفعله ابن هذه الحضارة في أمريكا بالسود الزنوج ؟! وليست أحداث لوس أنجلوس من أحد ببعيد.

هل نسيتم ما يفعله ابن هذه الحضارة في كل مكان بأخيه الإنسان ؟!

من أجل ماذا ؟ من أجل التطهير العرقي !!

من أجل ماذا ؟! من أجل اللون !! من أجل العقيدة !! من أجل الدين !!

هذا ما يفعله الإنسان بأخيه الإنسان في ظل قيادة الرجل الغربي !!

إنها حضارة العبيد ، ولا أريد أن أتوقف طويلاً مع هذا العنصر فإن الجراح دامية ، ولكن تعال معي لنبين لهؤلاء الذين يخشون الإسلام ، ويخافون الإسلام ، بل ويستحي أحدهم أن يعلن بأنه مسلم !! أو أن يذكر في مؤتمر من المؤتمرات لفظة إسلام!! أو آية قرآن أو حديث عن النبي عليه الصلاة و السلام.

وكأن الإسلام الآن ما هو إلا دين التطرف و الإرهاب هنا وهناك !! إن حدثت مصيبة في أى موضع أعجب إذا مرت تلك المصيبة دون أن تنسب إلى الإسلام والمسلمين!! كنت أتوقع يوم أن حدثت أحداث لوس أنجلوس في أمريكا أن يقولوا بأن الذي فجر هذه الأحداث الإرهابيون والمتطرفون !!

كنت أتوقع يوم أن وقع الزلزال في مصر أن يقولوا بأن الذي أحـدث الزلزال هم الإسلاميون الإرهابيون !!

كنت أتوقع إذا حدثت أي مصيبة – ولا زلت – أن تلصق هذه المصيبة والتهمة بالإسلام بالإرهابيين بالمتطرفين !!

وإذا أردت أن تتحقق من صدق ذلك فما عليك إلا أن تجلس أمام مسلسل من المسلسلات التي يعزف على وترها إعلامنا الوقور .. الحيي .. الذي يحارب التطرف والإرهاب من أجل ذلك فهو يسخر لا بالمتطرف والمتطرفين ولا بالإرهاب والإرهابيين وإنما بسنة سيد النبي !! وأنتم جميعاً تشاهدون و تسمعون وتقرءون !! إنه الواقع المر الأليم !!

انظروا يا من تخشون الإسلام ، والله لو علمتم عظمة الإسلام ، والله لو علمتم حقيقة الإسلام ، والله لو علمتم عدالة الإسلام لمنحتم الدعاة الصادقين الجوائز والمكافآت لينطلقوا ليعلموا الناس جميعاً فى الشرق والغرب – بعد بلاد المسلمين – حقيقة هذا الدين .

ثالثا : حضارة الإسلام والإنسانية الواحدة .

إنها حضارة الإسلام أيها المسلمون .. الإسلام الذي جاء ليجعل الناس جميعاً سواسية بين يدى الله وجل ، لا عصبية لراية ، لا عصبية للون ، لا عصبية لجنس ، لا عصبية لوطن . جاء الإسلام ليجعل الناس جميعا بين يدي الله – عز وجل – سواء .

فمنذ اللحظات الأولى رفع الإسلام هذا الشعار للإنسانية الواحدة بقوله جل و علا

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ … [الحجرات:13]

الله اكبر !! منذ اللحظات الأولى ، يؤصل الإسلام هذا الأصل العظيم .

ففى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أنه قال : ((‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ )) (1) .

بل وفى الحديث الذي رواه احمد بسند صحيح و البيهقى في سننه من حديث جابر بن عبد الله أنه قال : خطبنا رسول الله فى وسط أيام التشريق خطبة الوداع قال : ((أَيُّهَا النَّاس أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِد ، أَلاَ إِنَّ رَبّكُمْ وَاحِد ، أَلاَ إِنَّ أَبَاكُم وَاحِد ، أَلاَ لَا فَضْلَ لعَرَبي عَلَى أَعْجَمِيّ ، وَلاَ لعجمي عَلَى عَرَبّي ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَد إِلاَّ بالتَّقْوَى)) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ

هذا هو الإسلام الذي يؤصل الإنسانية الواحدة ، لا فرق بين لون و لون .. وجنس وجنس .. وأرض و أرض.. إلا بالتقوى والعمل الصالح إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .

وفي يوم فتح مكة وقف المصطفي ليؤصل هذا الأصل كما في الحديث الذي رواه الترمذي من حديث أبي هريرة و قال : حديث حسن ورواه الترمذي كذلك من حديث عبد الله بن عمر وقال حديث حسن غريب ، وهذا لفظ حديث أبي هريرة أنه وقف يوم فتح مكة وقال: ((أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها ألا إن أباكم واحد وإن آدم من تراب )) ثم قال : ((فالناس رجلان . رجل بر تقي كريم على الله ، ورجل فاجر شقى هين على الله))وتلى النبى قول الله – عز وجل – : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] .

جاء الإسلام أيها المسلمون ليسوى بين بلال الحبشى ، وأبى ذر الغفارى ، ومعاذ الأنصارى ، وصهيب الرومى ، سلمان الفارسى ، وحمزة القرشى ، بل لما افتخر هؤلاء بأنسابهم قال سلمان :

أبى الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

فلما سمعها عمر بكى وقام لينشد بيت سليمان وهو يقول :

أبى الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

فلقد رفع الإسلام سلمان فارس ووضع الكفر الشريف أبا لهب.

و السؤال الآن – وأعرني قلبك و سمعك لهذا السؤال – هل ظلت هذه المبادئ الإنسانية التي جاء بها الإسلام ؟ هل ظلت حبراً على ورق في أدراج حبيسة كميثاق حقوق الإنسان في هيئة الأمم ؟ هل ظلت حبيسة في البلد الذي نادى أول مرة بهذه المبادىء في المدينة المنورة كما حبست فرنسا مبادىء الثورة الحرة -كما زعمت – عن مستعمراتها وبلدانها ورعاياها أو هل ظلت هذه المبادىء وقامت هذه الحضارة الإسلامية لتجسد هذه المبادىء بتماثيل وأصنام كاذبة فارغة ؟! كما فعلت أمريكا بتنصيب تمثال للحرية في وسط ميدان فسيح في نيويورك يصدم الداخل للمدينة أول مرة ثم خرجت أمريكا نفسها خارج أرضها لتعلن الحرية و لتسحق الأحرار الشرفاء الأطهار الأبرار!! هل فعلت حضارة الإسلام هذا ؟ لا والله .. اقرءوا التاريخ ، وشهادة التاريخ أصدق شهادة ، ما فعل الإسلام ليحول هذه المبادىء إلي منهج حياة وإلى واقع يسمع و يرى في دنيا الناس ؟!!

ولنسهل الأدلة العلمية برائد حضارتنا وأسوتنا وقدوتنا المتجددة على مر الأجيال والقرون ، فمحمد الذي حول هذه المبادىء والمواثيق الشريفة -التي نادى بها – على أرض الواقع إلي منهج حياة ، يشرف ، ويتألق روعة وسمواً وجلالاً.

في الصحيحين : أن امرأة شريفة من الأشراف من بني مخزوم سرقت ، فغضبت قريش وحزنت أن الرسول سوف يقيم عليها الحد ويقطع يديها ، فقالوا : لا، لابد أن يشفع أحد عند رسول الله حتي لا تقطع يدها فقالوا : من يُكلِّمُ فيها رسُولَ الله ؟ فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا ‏ ‏أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏حِبُّ رسول الله ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ فقال رسول الله : ((‏أَتَشْفَعُ ‏ ‏فِي ‏حَدٍ ‏ ‏مِنْ ‏حُدُودِ ‏‏اللَّهِ يَا أُسَامة ؟)) وأرتقى النبي المنبر و هو غاضب وقال : ((أيها الناس! فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ ‏ ‏الشَّرِيفُ ‏ ‏تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ ‏الْحَدَّ ‏،‏وَأِيْم الله ‍لَوْ أَنَّ ‏فاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ‏ ‏سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)) (1) إنه التطبيق العلمي للمساواة ،للمساواة الإنسانية الواحدة.

وهذا أبو ذر الغفاري ، رجل من غفار أبيض اللون ، و هذا بلال حبشي رجل من الحبشة أسمر اللون وكلاهما من أصحاب رسول الله الأخيار فدار بينهما خلاف و احتد الخلاف فنظر أبو ذر لبلال و قال له : يا ابن السوداء ، فغضب بلال وأخذها و أنطلق إلى سيد الرجال فأخبره بما قال أبو ذر ، فغضب النبي غضباً شديداً والتفت إلى أبو ذر وقال ((‏يَا ‏أَبَا ذَرٍّ ‏‏أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)) (2) فندم أبو ذر و بكى.

وأنظر إلى هذا الأفق الوضىء والى هذه القمة السامقة التي جسدت هذا الندم حينما وضع أبو ذر خده على الأرض و استحلف بلالا ً أن يطأ بنعله على خده الآخر ، إنه الإسلام.

واسمحوا لي بأن أُذَكِّر أيضا بهذا المشهد الواحد و تمنيت أن لو سمعه كل زعماء الغرب ، إنه عمر ، وما أدراكم ما عمر؟! عمر بن الخطاب أمير المؤمنين الذي رأى قافلة تدنوا من المدينة في الليل ، فقال لعبد الرحمن بن عوف : يا عبد الرحمن هل لك في أجر الليلة؟ قال ماذا تريد يا أمير المؤمنين؟

قال : تعال بنا لنحرس هذه القافلة تلك الليلة!!

فليسمع العالم كله ، ولتسمع الحضارة الغربية الكاذبة، عن هذه النّزعة الإنسانية الفريدة، ويقوم عمر وعبد الرحمن بن عوف يصليان ويحرسان ، وفجأه سمع عمر بكاء صبي في القافلة ، فدنا عمر من صوت بكاء الصبي ، ثم نادى على أم الصبي وقال : أتق الله وأحسني إلى صبيك.

طفل يبكي يحرك قلب الحاكم، طفل يبكي مع أمه! مع أقرب الناس إليه! فيتحرك له قلب الحاكم ! قلب أمير المؤمنين ! قلب حاكم الدولة يتحرك لبكاء طفل بين أحضان أمه ، لا أقول بين أحضان القنابل والطائرات والدبابات والرشاشات بين أحضان أمه ! فيقترب عمر ويقول : أتق الله وأحسني إلى صبيك ، ثم ينصرف لصلاته ، وبعد فترة يسمع بكاء الصبي فيرجع إلى المرأة ويقول : اتق الله وأحسني إلى صبيك ، فإني أراك أم سوء فقالت : يا عبد الله لقد أبرمتني منذ الليلة (( تعني : لقد أزعجتني – وهي لا تعرف من تخاطب ثم- قالت: إني أُكره ولدي على الفطام كرهاً ، فقال عمر : لم تستعجليه ؟ فقالت : لأن عمر بن الخطاب لا يبرم عطاءً إلا للفطيم ،فبكى عمر وانخلع قلبه لهذه الكلمة ، و عاد يجر ثوبه يبكي- ، يقول عبد الرحمن بن عوف : ما عرف الناس قراءته في صلاة الفجر من شده بكائه ، الله أكبر !! ، و بعدما سَلَّم و أنتهي من صلاته قبض لحيته وبكى و قال : ويل لعمر.. يا بؤساً لعمر.. كم قتلت يا عمر من أطفال المسلمين ؟! فلتسمع الدنيا ، فليسمع قادة الغرب وليسمع قادة المسلمين ، كم قتلت يا عمر من أطفال المسلمين؟.. الله أكبر ، ثم يأمر عمر بن الخطاب أن يمشي بين الناس و يقول : لا تستعجلوا صبيانكم في الفطام فإنا نبرم العطاء لكل من ولد في الإسلام منذ أول يوم إنها عظمة الإسلام .. أنها الإنسانية الفذة يا عباد الله .. أنها صورة سامقة .. مهما أوتيت من البلاغة والفصاحة فلم استطع ولن أستطيع أن أجسد لحضراتكم هذه النّزعة الإنسانية التى جاء بها الإسلام ، والتى أًصَّل قواعدها وأسس بنيانها محمد عليه الصلاة والسلام ، وأكتفى بهذا القدر لأُعَرَّجَ على بقية العناصر فى عجالة سريعة بعد جلسة الاستراحة ، أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم .

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

فيا أيها الأحبة : رابعاً :الحضارة الإسلامية والنّزعة الأخلاقية :

ستعجب إذا قلت لك أيها الحبيب : بأن الإسلام كان فريداً فى أخلاقه حتى عَلَى أرض المعارك وفى ميادين الحروب ، مع أن رؤية الدم تثير الدم ، ومع أن القتال يثير الحمية فى النفوس والاتتقام ، وبالرغم من ذلك له أقول : إن الإسلام كان فريداً فى أخلاقه حتى فى ميادين القتال والحروب ، الله أكبر ! يغضب النبى حينما يرى أمرأة قد قتلت فى الميدان ، ويأمر الصحابة ألا يفعلوا ذلك ، ويأمر الصديق جيش أسامة ويقول : لا تقتلوا شيخاً ، ولا امرأة ، ولا رجلاً تفرغ للعبادة فى صومعته ، ولا تقطعوا شجرة ، ولا تذبحوا بقرة إلا للأكل ، هذه مُثُلُ الإسلام حتى فى عالم الحروب والمعارك ، بل ولا يعلم التاريخ أحداً فُعلَ به من الأذى والأضطهاد مثل ما فُعلَ بنبينا : وأذى فى مكة ، ووضع التراب على رأسه ، ووضعت النجاسة على ظهره ، خنق حتى كادت أنفاسه أن تخرج ، وطرد من بلده ، وحرم من بيته وماله ، وأوذى أصحابه أشد الإيذاء وبالرغم من ذلك لما ترك وطنه وبلده وهاجر إلى المدينة ما تركه المشركون حتى فى المدينة بل جردوا عليه السيوف ، ولما عاد النبى منتصراً فى يوم فتح مكة وقف أهل مكة جميعاً بين يديه قال لهم صاحب الخلق : ((مَا تَظُنوُّنَ أَنِّى فَاعِلٌ بِكُمْ)) قالوا : أخ كريم وأبن أخ كريم ، فقال : ((أَقُولُ لَكُمْ مَا قَالَهُ أَخِى يُوسُف لأخْوِتَهِ : لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْم ، اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاء))(1)وللأمانة العلمية أقول : إن هذا الحديث سنده ضعيف ، سبحان الله ! حتى فى هذه الأوقات الحرجة انظروا إلى أخلاق النبى ، عاد من الطائف بعد أن رُمِىَ بالحجارة وطُرِدَ وَفَعَلَ به أهل الطائف أبشع ما يفعله الإنسان بأخيه الإنسان ، وقيل له : ادعُ على المشركين يا رسول الله : فماذا قال صاحب الخلق حتى فى هذه الأوقات التى قد يميل القلب فيها إلى التشفى والانتقام إذ أن الإنسان يشعر بالظلم ، وبالرغم من ذلك يقول : ((‏إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً ، اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِى فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُون)) (2)

وطبق صحابته الكرام هذه المبادئ أعظم تطبيق شهدته الأرض وعرفه التاريخ ، الله أكبر ! انظروا ماذا فعل المسلمون يوم أن امتدت الفتوح الإسلامية إلى بلاد سمرقند فى عهد عمر بن عبد العزيز ، وأرسل حاكم سمرقند رسالة إلى قاضى القضاة يخبره بأن الفتح الإسلامى لسمرقند فتح باطل ، لأنهم دخلوا عليهم عنوة ، ولم يفرضوا عليهم جزية ، ولم ينذروهم بالقتال ، وأرسل قاض قضاة إلى عمر بن عبد العزيز ليخبره بذلك ، فما كان من عمر إلا أن أمر قائد الجيوش فى سمرقند بالانسحاب فوراً ، ولما علم أهل سمرقند أن الجيش قد أنسحب بأمر أمير المؤمنين عمر خرج أهل سمرقند عن بكرة أبيهم بين يدى الجيش الفاتح المنتصر ليعلنوا جميعاً شهادة أن لا أله إلا الله وأن محمداً رسول الله .

إن تاريخ الحروب الإسلامية تاريخ مشرق فليقرأ التاريخ وليقف الناس جميعاً أمام عبر هذا التاريخ ، وأنتم تعلمون ما فعله صلاح الدين بالصليبيين ، أتعلمون أنه قَدَّم طبيبه الخاص فى أرض المعركة ليعالج قائد الحملة الصليبية حين وصل إلى علمه أنه مريض ولا يوجد من يبذل له الدواء والعلاج ؟‍‍!! أى أخلاق هذه أخوة الإسلام ؟!!

ولما صرخت أمرأة نصرانية ورمت بنفسها على خيمة صلاح الدين فى الليل وسألها ما الخبر ؟ فأخبرته أن أحد أفراد الجيش الإسلامى قد أخذ ولدها ، فأمر صلاح الدين أن يرد الجيش بأى سبيل هذا الطفل ، ولم يهدأ حتى اطمأن بنفسه أن المرأة قد رُدَّ إليها طفلها .

وتعلمون ما فعله محمد الفاتح بالنصارى الصليبيين فى كنيسة آل صوفيا حينما فتح القسطنطينية ، فعل ما سيقف أمامه التاريخ وقفة إعزاز وإجلال وإكبار ، فاقرءوا التاريخ فإن الوقت لا يتسع لما فعله هؤلاء الأطهار الأبرار حتى فى المعارك والحروب والميادين ، فالإسلام ضرب أروع الأمثال حتى فى أرض المعارك التى تثير فيها رؤية الدم الدماء ، وينتشى القادة الفاتحون بسكرة النصر للتشفى والانتقام ، ولكنه لم يحدث فى ظل حضارة الإسلام التى أسس أصولها وأسس بنيانها محمد .

وأخيراً أيها الأحبة أقول : حضارة الإسلام والرفق بالحيوان :

إن الإسلام هو الذى أصَّل أصول الرفق بالحيوان .. قبل أن تتغنى أوربا وأمريكا بجمعية الرفق بالحيوان ، ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى قال : ((دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ ‏‏خَشَاشِ ‏‏الْأَرْضِ‏)) (1)

هذا هو الإسلام قبل أن تتغنى أمريكا وأوربا بالرفق بالحيوان ، بل وفى الصحيح ((‏أَنَّ ‏بَغِيًّا – أمرأة زانية – مِنْ بَغَايَا بَنِى إسْرَائيل مَرّتْ عَلَى كَلْبٍ يَلَهَثُ الثَّرَى مِنْ شِدَّة الْعَطَشِ فَنَزَعَتْ مُوقِهَا‏ – خُفَّهَا – وَمَلأَتْهُ مَاءً مِنَ البِئْرِ فَسَقَتْهُ ‏فَغَفَرَ الله لَهَا بِهِ)) ‏(2)

وأنا أقول أيها الأحبة : إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا ، فكيف تصنع الرحمة بمن وحد رب البرايا ؟!!

من أجل كلب غفر الله لبغى من بغايا بنى إسرائيل .. هذا هو الإسلام .

وأخيراً أيها الأحبة : (( أمانة أطوق بها الأعناق)).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى