حكم أخذ أموال الاخرين من دون علم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حرمة الأموال

ما موقف الإسلام من الذين يأخذون من أموال الآخرين خلسة أو علنا من دون استئذانهم؟

يقول الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ السنة النبوية وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: صان الإسلام حرمة الأموال كحرمة النفس والعرض وحرمة الاعتداء عليها مهما كانت قليلة. عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه”.

في هذا الحديث دلالة على تحريم مال المسلم وإن قل إلا بطيب نفس وقد ذكر في الحديث “العصا” كشيء قليل خفيف، يستدل به على الكثير والثقيل، فإذا كان أخذ الشيء اليسير لا يحل، فالكثير من باب أولى، وأيضا فإنه يترتب على الأخذ بغير إذن ولا طيب نفس، فساد ومشاجرة وعدوان وخصومة، وفي منع مثل ذلك صلح بين الناس وإصلاح الحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية.

وقد خرجت من عموم الأدلة أشياء كثيرة، كأخذ الزكاة، وإطعام المضطر، ونفقة القريب المعسر والزوجة، وكثير من الحقوق المالية التي لا يخرجها المالك برضاه، فإنها تؤخذ منه كرها.

وحرّم الإسلام العدوان على أموال الغير مهما كان المال قليلا، كالعصا في الحديث أو كعود من أراك كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم بسنده عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرّم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك”.

فما أخذ من غير وجه حق، ولا بطيب نفس، مهما كان قليلا فهو حرام، ولو كان عصا أو عودا من أراك، أو قدر سبر، روى البخاري بسنده عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين”.

فمهما كان الشيء قليلا فإنه لا يعفي آخذه من عذاب الله، ومن مؤاخذته ولا تقبل له توبة إلا إذا تحلل من المظالم حتى وإن كان كثير الخير، بل حتى ولو كان شهيدا في ميدان القتال، قال عمر بن الخطاب: “لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة”.

وهكذا نرى إلى أي مدى عني الإسلام بحرمة الأموال وصيانتها والمحافظة عليها من عدوان المعتدين، أيا كان نوع هذا العدوان سرقة أو غصبا أو نهبا أو غشا أو رشوة وما إلى ذلك من صور الاعتداء على حقوق الناس وأموالهم، ومن أشكال الاحتيال المختلفة، قال الله تعالى: “يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أموالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ منكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِن اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً”، (سورة النساء:29).. والله أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى