تعليم القراءة والكتابة

محوَ الأميّة

نَحنُ أصبَحنا فِي القرنِ الواحِد والعِشرين، ولذلك زادَت المَعرِفَة والثّقافاتِ، وتطوّرت التّكنولوجيا بِوَسائلها المُختلِفَة، ولكن تبقى هُناك مُشكلةِ مَحوَ الأميّة التي يَجِب أن تنتهي وتَنقَرِض وتُلغى فِي تاريخِ الأمّة العَربيّة، فَنَحنُ نَعيشُ فِي عصر المعرفة، فمن غير امتلاكِ القُدرة على القراءةِ والكِتابة، وفَهمِ الأمور، لا نَستطيعُ العَيشَ في هذا العَصر. مَحوَ الأميّة مُشكِلة ليسَت عند الكبار فَقَط؛ بل هُناك شباب بمختلفِ المراحِل العمريّة يُواجِهونَ مُشكلةِ الأميّة بِسَبب المجتمع الذي يعيشُون فيه وجَهلِ الأمّة والأشخاصِ بِوَعي العلمِ والثّقافة؛ لأنّ الدّول الأولى فِي العالَم قَد حَاربت العاداتِ والثّقافاتِ، وَمَحو الأميّة لإخراجِ جِيل واعٍِ مُحبّ للعلمِ والمَعرِفة، وللأَسَف هذا الأمر غَيرَ مَوجود فِي بلادِنا العَربيّة ونَحن أمّة أخرِجَت للقِراءة وتعليمِ النّاس.

كيف تعلّم محو الأميّة

هُناك ثَلاثةُ أنواع مِنَ البَشَر: لا يعرف ولا يَفهم، ويًؤمِن أنّهُ لا يَفهَم ولا يعرف وهُوَ الأمّيّ والجاهل، وهُناكَ مَن يَعرف ويَفهم ولا يُؤمن بأنّهُ يَعرف وَيفهم؛ فَهُوَ التّائه يَجِب إرشادهُ، وهناكَ مَن يَعرِف ويَفهَم ويؤمِن بأنّهُ يَعرِف ويَفهَم فَهُوَ الحَكيم بحَدّ ذاتهِ، فَنحوَ الأميّة فِي الوقتِ الحالي تَتغيّر مفاهيمَهُ لأنّهُ فِي السّابق كان تعليمُ الشّخصِ القراءةِ والكتابة، وإذا وُجِدَ هذا الأمر فهو دليل على قلّة الوَعي والثّقافةِ، ولكِن تَطوّر العالَم يجعلُ مِنَ الأميّة نظرةً أخرى فِي العصرِ التّكنولوجي، وهي قُدرةِ الشّخص على الوُصولِ إلى المَعلومةِ الّتي يُريدها، وأيضاً القُدرة على التّطوير مِن نفسهِ؛ كَتعلّم استخدامِ الكُمبيوتر، والبحثِ عَنِ المَعلوماتِ والحقيقة والقُدرة على إيجادها.

تعليم القراءة والكتابة

هؤلاء الفِئة مِنَ الأشخاصِ أعرفُ أنّهُم لَن يَقرؤوا كَلِماتِي، لذلِك عَليكَ أنتَ مَن تقرأ كلماتي أن تُساعِدَهُم وتًُرشِدَهُم وَتُعلّمَهُم القِراءة والكِتابة لِقَتلِ الجهل في مجتَمَعِنا، فالجَهلُ مَصدَرَهُ قِلّة القِراءة، وفَهمِ الأمُور، وعَلينا أن نُنهِيها مِن مُجتَمَعاتِنا، وَيكُونُ ذلِك بِـ:

  • الجُلوسِ مَعهُ وشرح الفكرة من غرض تعليمهُ بينكَ وبينهُ فَقَط حتّى لا تسبّب الإحراجَ لَهُ أمامَ الآخرين، وَتَشرَح لَهُ الأمُور الّتي يَستَفِيدَ مِنها إذا تَعلّم القِراءة والكِتابة.
  • ابدأ مَعهُ كأنّهُ طِفلٌ صَغير تُعلّمهُ الأحرف الأبجديّة؛ فالتعليمُ مِنَ الصّفِر ليسَ بالعيب، بل على العكسِ تماماً هو أمر جيّد لترسيخ اللغة في ذهنهِ.
  • علّمهُ كِتابةِ الكَلِمات وفَهمِها وطريقة قراءتها بالشّكلِ الصّحِيح.
  • حاوِل أن تُشجّعهُ وتُشعِرهُ بأنّهُ يَفعَل أمراً عَظيماً، ولا تَستخفّ بِتَعليمهِ مهما كان.
  • علّمهُ هُوَ لِوحدِهُ حتّى لا يَستَهزِئ الآخرونَ مِنهُ، وحتّى تَأخُذ راحَتكَ فِي تَعليمهُِ.

تعليم طالبي العِلم

مِنَ القَبيحِ أن نَجِد فِي مُجتمعاتِنا أشخاصٌ مَعَهُم شِهادات جامعيّة، وهم لا يعرفونَ شَيئاً بِتَخَصُّصِهِم بِسَبَبِهِم أو بِسَبَب أسلوبِ التّدريسِ فِي الجامِعات؛ فَهذا أمرٌ أقبح مِن أميّة القراءة والكتابة، لأنّ بلادُنا الإسلاميّة تَحتاجُ إلى مُفكّرين ونَوابغ صِفاتَهُم تَختَلِف عَنِ الجيلِ القَديم، جِيل واعٍ يَفهم ويدركَ الأمُور، ولا يَرضَ بالذُلّ والإهانَة والخُضُوعِ تَحتَ أوامِرِ الآخرِين، نحتاجُ إلى جيل يَعرِف كيفَ يُحدّد مَصِيرهُ ولا يَرض بأن يَعيشَ حَياة القَطِيع.
يجب أن يَكونُ هُناكَ وَعِي مِن قِبَل الرّؤساءِ وأصحابِ المَناصب والحكومات؛ لأنّ البلد لا تَقوم إلّا على طالبي العِلم الّذين لا يَجِدُونَ الفُرصة للإبداعِ، وفُرصة للمُحاولة بَدلاً مِن قَتلِهِم والتّسلِيطِ عَليهم، أيّ مُجتمَع هذا الّذي يَركُضُ وراءَ شَهواتهِ وَمَصلَحَتِهِ الشّخصيّة، ويقتلُ آلافَ الأشخاصِ على يدِ من لا يستحقّ العيش!!، أينَ نحنُ من أولئكَ الغرب مع أنّهم متخلّفين فِي مُجتمعاتهم لكنّهم على الأقل يقدّرون أصحابَ العلمِ والشّهادات، وجامِعاتِهِم تُخرّج أجيالاً تَصنَع شَيئاً بَعدَها، وَليسَ مُجرّد وَرَقة تُوضعُ فِي المَنزل. ويكون ذلك عن طريق:

  • اختر ماذا تريد أن تتعلّم : نَحنُ فِي بلادٍ مُشكِلَتُها التّعلِيميّة تَعتَمِد على علاماتِ الثّانَوِيّة العَامّة وَنَنسَى رَغَباتِ الطالب ماذا يُحِبّ أن يُكمِلَ دِراسَتَهُ، فالعلاماتِ الدِراسيّة لَيسَ لها أيُّ دَليلٍ على فِهمِ وَعقلِ الشّخصِ سِوى أنّهُ رَقَم ولكنّ حُبّ التّعلّم لِتَخَصّص مُعيّن يُساعد أشخاص كثيرون على الإبداعِ والتميّز الذي نَحتاجهُ، فَحاوِل بِقَدرِ الإمكانِ أن تَدرُس ما تُحِبّ وإن لَم تَجِد جِد دِراسة أو مَجال مِنَ المُمكِن أن تُبدعَ فيهِ.
  • التّطوير الذّاتي: حَاول أن تُطوّر مِن قدراتِك وتبحث عن شيء لا تَجِدهُ فِي تَدريسِ الجامعاتِ، واعرِف قَواعدَ الّلعبَة والعَب أفضَل مِنَ الباقين.
  • لا تضيّع الوقت: املأ يَومَك بِشيء مُفيد تُحاول فيهِ أن تجد أمُوراً بَسيطة لكنّها عظيمة، فتشعرُ بأهميّة نفسك في المجتمع.
  • حاول أن تبحث داخل نفسك عن شيء تريد أن تفعلهُ، وتخيّل نفسك بأنّكَ تستطيع أن تفعلهُ فستجدَ المُعجزات تَحصُل فِي حَياتك، فهي فَقَط مُتوقّفة على الإرداة والإصرار.
  • إنشاء مَراكز تَدريبيّة وتعليميّة داخِل الجامعاتِ تَزيد مِن قُدراتِ الطّالب وإرشادَهُم بِصورة سَليمة واعِية للأمُور.
  • يَجَب أن تَقومَ الشّركات والمُؤسّساتِ بإعطاءِ فُرص للمُتقدّمِينَ للعَمل، حتّى ولو لَم يَكونوا بِكَفاءَة جَيّدة يُمكن تَدريبهم وتعليمهم مجّاناً، ولا تَدري ماذا سَيَحدُث بَعدَ ذلك فلربّما تتغيّر حَياتهُ بأكملها، فإعطاءِ الفُرص مُهمّة لأولئكَ الأشخاص.
  • يَجِب أن نُحارب الواسطات والمَحسُوبيّات والفسادِ فِي مُجتمعاتِنا، وَنَضَعَ الشّخصَ المُناسبِ فِي المَكانِ المُناسب حَتّى لا يَموتُ أحَد بَيننا وَنَحنُ لا نَعلَم، وهكَذا نَكُونُ أمّة عربيّة واعية تنطلق نحو مراتِب الأمَم.

دَورِ الجامعاتِ فِي التّعليم

الجَامعاتِ لها دَورٌ كَبير على قضاءِ الأمّية بَتَخَصّصاتها المُختلفة، فاللومُ الحَقيقي يَكونَ بِسَبَب قَوانينِ وأساليبِ الجَامِعَة الّتي تَعتَمِدُ على مَفهوم المادّة بَعِيداً عَنِ المَفهومِ الحَقيقي مِن بِناءِ الجَامعة لتعليم الطّلاب علم يَنتَفِعُونَ بهِ، فالطالِب قَد يَدخُل أربَعَ سِنين دِراسَة ولا يَخرُج مِنها بِشَيء بِسَبَبِهِ وَسَبَبِ أسلوبِ تَدريسِ الجامعات العَربيّة، فَعِندَما يَتَخَرّج شَخصٌ يَجِب أن يَحمِل شِهادة يَستَطِيعَ مِن بَعدِها أن يَعمَل وَيَجِدُ فُرصَتهُ مَع الآخرين، ويجب فِعلُ ما يلي على بَعضِ الجامعاتِ وليسَ جَميعُها:

  • تَغيير هَدَفِ الجامعاتِ السّامي : أهدافُ الجامعاتِ العربيّة فَقَط لتأخُذَ المالُ مِنَ الطّالِب مِن دُونِ أن يَكونَ هَدَفُها تَخرِيج جِيلٌ جَيّد مِن طَلَبَتِها لِيُحَقّقوا أهدافاً سَامِية مِن بعدِها، فالدّولَةِ إن لَم تَقُم بِتَعدِيلِ إسلُوبِ الجامعاتِ وإيجادِ حُلولٍ حَولَ طَريقَةِ التَدريسِ فَسوفَ تَبقَى هَذِهِ المشكلة إلى الأبدِ ليسَ لها حَل، فالهَدَفُ الحَقيقي الإسلامي يُكمِن بإعمارِ الأرضِ وَمُساعَدَةِ بعضنا للآخر وليس كَهَدَفِ الغربِ بِتَحقِيقِ غاياتٍ ماديّة على الأقل لا تُطبّق هذه المفاهيمُ فِي الجامعات.
  • تَعليمَهُم عِلماً نافِع : أغلبِ عَلومِِ الجامعاتِ العَربيّة لا فائِدَة مِنها، فالعِلمُ إن لَم يَستَفِد الطّالِبُ مِنهُ فَهُوَ لا يُفيدَهُ فالعلمُ الزّائِف أخطَر مِنَ الجَهلِ بِحَدّ ذاته لأنّهُ ماذا سَيَفعَلُ بِهذا العِلِم !!!، يَجِب أن يَكونَ التَركيزُ على تَخَصّصاتِهِم والعلومِ الّتي تَفيدَهُم فِي مُستَقبَلِهِم مِن دُونِ مَوادٍ أخرى اختِيَاريّة تُعتَبَر فِي الجامعاتِ لا فَائِدَة مِنها غَيرَ أنّها تأخُذُ مِن مَالِ الطّالب.
  • إعطاءُ الطُلّاب دوراتٍ تَدريبيّة : هُناكَ بَعضُ الدَوراتِ الّتي تُأخَذ تَصبّ فِي مَصلَحَةِ الشّخص وتطوّر مِن قُدراتهِ وَتَزيدَ المَعرِفَة، فَهَذِهِ الدَوراتِ مُفيدةٌ فِي إيجادِ التَمَيّز والإبداعِ فِي سُوقِ العَمَل، وهذا هُوَ الهَدَف الرئيسي مِن التّعليمِ إيجادِ عَمَل لَهُ ليس فَقَط تَعلِيمَهُ.
  • البَحث عن المُتَمَيّزين : هناكَ بَعضُ الطّلبةِ يَظهِرونَ القُدرَةِ على التَميّز والذّكاءِ وَيَجِب أن تَتَكَفّلَ الجامِعَة مِن نَفَقَتِها الخَاصّةِ على إعطائِهِم مِنَح دِراسِيّة لإكمَالِ الدِراساتِ العُليا.
  • تَوضِيحَ الهَدَف مِن تَخَصّصاتِهِم : يَجِب أن يَكونَ هُناكَ تَوضِيحٌ مِن قِبَل الجامِعَة تُوضّح الأعمالِ والأمورِ الّتي مُمكن أن يحقّقوها في مُستَقبلِهِم مِن خِلالِ دِراسَتِهِم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى