تحليلات وتساؤلات خالد التجانى تقود الى سقوط الشرعية الدينية والاخلاقية للحركة الاسلامية

خاص السودان اليوم:

فى معرض التناول المكثف للكتاب السودانيين لما راج من تقارب محتمل بين الخرطوم والكيان الاسرائيلى بعد تصريحات الرئيس التشادي ادريس ديبي فى زيارته للكيان الغاصب عن امكانية توسطه للتطبيع بين السودان والحكومة الاسرائيلية كتب الاستاذ الدكتور خالد التجانى النور رئيس تحرير صحيفة ايلاف والكاتب الصحافى المعروف مقالا فى صحيفته ونشرته ايضا عديد المواقع السودانية وكان مقاله بعنوان : حمى التطبيع .. غزل إسرائيلي وتمنع سوداني خجول .. وهذا العنوان بحد ذاته كاف لقراءة تيرمومتر الموضوع وتفاعله داخل بنيان الحكومة فالدكتور خالد ليس كاتبا ومحللا فحسب وانما هو من شباب الاسلاميين المعروفين وسط العمل الاعلامى وكثيرون يعتبرونه كان على اتصال وثيق بالاجهزة الامنية يوما ما ان لم يكن جزء منها ، وفى الفترة الاخيرة اصبح ناقدا لاخوانه وهو من ضمن شباب كثر ربما زهدوا فى خير يرتجى من حكومة كانت تشكل لهم فى البداية امالا وتطلعات عريضة للوصول الى دولة الاسلام المنشودة وانزال فكرتهم على ارض الواقع وتنفيذها لذا فان البعض يقرأون للدكتور خالد بشكل مغاير لقرائتهم كتابات الاخرين ويفرق البعض بينه وبين زميله الاستاذ اسحق احمد فضل الله بان الدكتور خالد اكثر نضجا وانه صادق مع نفسه واخوانه ولا يتهمه احد بالكذب كما هو الحال مع اسحق الذى قال بعضمة لسانه انه يكذب فى كتاباته لكن خالد سواء اتفق معه الناس او اختلفوا فانهم لا يتهمونه بالكذب وهذه محمدة للرجل .
دعونا اذن نتأمل عنوان مقال الدكتور خالد الذى يشير من طرف خفى الى امكانية قيام علاقة بيننا والعدو الصهيونى بل يمكن ان نقرأ من كلامه أن الحكومة بتمنعها الخجول من التعليق على الخبر الصادر عن الصحافة الاسرائيلية انما تخشى انكشاف المستور قبل اوانه وهذا عكس كلام اسحق مائة بالمائة الذى جزم انه لا اتجاه مطلقا لقيام اى علاقة مع العدو واذا كانت هناك شبهة تعارض بين خبر من اسحق وتحليل من خالد فان تحليل الاخير مقدم على خبر الاول لان الاصل فى كلام الاستاذ اسحق انه كذب الى ان يثبت العكس بخلاف كلام الدكتور خالد
واذا انتهينا من المقارتة بين خالد واسحق وخرجنا بالنتيجة الواضحة ان كل كلام من اسحق مردود عليه الى ان يصدر عن سواه دعونا نقرا هذه الفقرة الواضحة فى مقال الاستاذ خالد التجانى عن النطبيع ونقول ماذا نستشف منها .
قال الاستاذ خالد : وكان لافتاً تركيز وسائل الإعلام الإسرائيلية على الإشارة للسودان بالإسم، وكثافة تواتر هذه المسألة من قبل تل أبيب تشير إلى أحد احتمالين أولهما أن الأمر لا يعدو أن يكون غزلاً من باب رمي الشباك حول الصيدة القادمة لدولة الكيان الصهيوني، أما الاحتمال الثاني فهو يستبطن ممارسة ضغوط على الخرطوم من خلال رسائل موجهة إلى طرف، أو أطرف بعينها في الحكومة السودانية، قد تكون دخلت في “حوار وتعهدات” ما مع طرف إسرائيلي، ولعل الأخيرة استبطأت خطوة متوقعة من الخرطوم مما دفعها لممارسة هذا الضغط الإعلامي على الخرطوم.
الخطير فى كلامه ورود الاحتمال عن دخول بعض الاطراف داخل الحكومة فى حوار وتعهدات ما مع طرف اسرائيلى واستبطأت الاخيرة تحرك الخرطوم فارادات الضغط عليها وهذا قول يضع الحكومة كلها داخل دائرة الشك والاتهام وحتما المعنى بهذه الاشارات والتلميحات هى جهات نافذة مؤثرة لا ثانوية سطحية لاقرار لها ولاحساب لكلامها حتى لايقول لنا احد انه ربما يشير الى السيد مبارك الفاضل المهدى مثلا الذى نادى علنا بضرورة التطبيع مع العدو فمبارك وسواه ممن هم فى مستواه ليس هم المعنيين بهذه التلميحات فى كلام خالد لذا قال فى فقرة اخرى ان تمنعا خجولا جابهت به الحكومة الامر وكلنا نشهد الهبة المضرية التى قامت على مبارك عند ادلائه بتلك التصريحات الفضيحة والكلام الحكومى القوى يومها ضد اسرائيل والتطبيع – والرجل يستحق الزجر وزيادة – بل ان اصواتا ارتفعت تطالب بضرورة اقالة مبارك المهدى لتجاوزه الخطوط الحمراء مما اضطر السيد رئيس الجمهورية الى التعليق على الامر بقوله ان كلام مبارك لايمثل الا وجهة نظره وليس باعتباره وزيرا ونحن موقفنا ثابت ومعلوم ولا يحتاج الى توضيح برفض الاتصال بالكيان الاسرائيلى المحتل وهذا الحسم لم يات هذه المرة ولاجزء منه كما قال الاستاذ خالد فقط كلام خجول من الحزب الحاكم انهم لم يبحثوا الموضوع اصلا , ولا يفوت علينا طبعا ان نشير الى التصريح القوى جدا والحازم من السيد وزير العدل بانهم لن يطبعوا مطلقا مع اسرائيل الى يوم الدين – بحسب تعبيره – ولكن الرجل ليس من المؤتمر الوطنى ولا من اصحاب التاثير والقرار وان اعتبر البعض كلامه يعبر عن راى الحكومة كونه وزيرا فان مبارك الفاضل كذلك ولايمكن رفض ذاك وتبنى كلام هذا والواقع انهما سواء،

والاخطر على الاطلاق فى كلام الاستاذ خالد التجانى قوله :

أصبح السودان -منذ عام 2002- جزءاً من الموقف العربي الرسمي الذي تبنى المبادرة السعودية للتطبيع والسلام مقابل إقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967، وهو ما يعني أنه مستعدّ نظرياً للتطبيع مع إسرائيل في إطار موقف عربي جماعي، وما من شئ يؤخر حدوثها إلا تعنت إسرائيل في القبول بمعادلة الأرض مقابل السلام، إلا أنه مع ذلك ستكون خطوة باهظة الثمن لنظام الحكم في السودان الذي يؤسس مشروعية سلطته على شعارات الإسلام السياسي المناوئة للكيان الصهيوني.

السودان بحسب الدكتور خالد اصبج جزءا من الموقف العربى الرسمى الذى يقبل التطبيع ويمكن ان يمضى فى هذا الاتجاه ويتم التواصل مع العدو الغاصب فقط تمنع اسرائيل عن قبول المبادرة السعودية هو ما يؤجل الحدث وهذا الكلام يصيب الكل فى مقتل اذ بعد الاعتراف بالكيان الاسرائيلى والقبول بالتعايش معه وقيام دولتين كحل للنزاع فان اى ادعاء برفض التطبيع يصبح لغوا ،
ويختم حالد مقاله بمحاكمة لحركات الاسلام السياسى وقوله هذا يحرج كل المنتمين الى هذه الحركات ويسحب منها الشرعية الدينية والاخلاقية ويعتبرها مجموعة من الانتهازيين الذين يسعون الى المحافظة على السلطة ولو بالتخلى عن المبادئ والمرتكزات التى قام عليها بنيانهم الفكرى والحركى ،
لنقرأ فقرته ادناه التى نختم بها مقالنا :
هذا التحول “الدرامي” في أوساط بعض دعاة “الإسلام السياسي” من الموقف المبدئي تجاه الاحتلال الصهيوني، إلى الرجاء في أن تمنح “إسرائيل” قبلة الحياة لنظام الحركة الإسلامية الطامع في نيل رضاء “عواصم القرار الدولي” لا يخلو من تهافت، ربما لم يكن هناك ما يشين لو كانت هذا التحول نتيجة تطور طبيعي ونضوج عميق في الفكرة والرؤية، ولكنه في واقع الأمر لا يعدو أن يكون نوع من “الانتهازية السياسية” لكسب وقت إضافي في مقاعد السلطة، وبعض من السذاجة في فهم آليات السياسة الدولية، فالدول المطبّعة مع الكيان الصهيوني على نحو أو آخر لم تنج بذلك من غوائل الصراعات والضغوط ودفع ثمن باهظ، كما أن الانخراط في المشروع الأمريكي في حربه ضد الإرهاب، نحو ما فعل السودان منذ العام 2001 لم يجد عنه فتيلاً.
الحكومة والاسلاميون مطالبون بالرد الواضح والحسم التام لهذا الكلام واى صمت عن تفنيد ما وصل اليه دكتور خالد فانه يعتبر اقرارا ونهاية لمشروعية الحركة الاسلامية ككل وليس فقط الحكومة ،
وان التطبيع ممكن الحدوث ان لم يكن قد وقع فعلا والله تعالى العالم بخفيات الامور،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى