بعد تصريح سلفاكير .. متى تقتنع قبيلة النعام؟!.. بقلم الطيب مصطفى

السودان اليوم:

استمعوا إلى رئيس الجنوب سلفاكير لكي يعرف من لا يزال يسبح في بحر الأحلام من أهل السودان حقيقة مشاعرالجنوبيين نحوهم فقد قال سلفا لبعض أفراد معسكر (الحركة الشعبية لتحرير الجنوب) مما نقلته صحيفة الانتباهة : (إن الظروف التي عاش فيها شعب جنوب السودان قبل الاستقلال لم تتغير) مضيفاً (هل حررنا شعبنا من الجلابة فقط لكي نتضور جوعاً بأيدينا)؟

إذن فإن سلفاكير وشعب دولة جنوب السودان يعتبر انفصال دولتهم وشعبهم استقلالاً وتحريراً من استعمار الجلابة (الشماليين)، فمتى تفيق بعض النخب السودانية الغافلة التي لا تزال تبكي و(تتنخج) حزناً على انفصال الجنوب؟!

قبل ذلك الحديث وتحديداً قبل نحو شهر صرح سفير دولة الجنوب في الخرطوم ميان دوت بالآتي :(لا نريد وحدة مع الشمال تجعلنا شعب درجة ثانية)!

السفير أضاف في حديثه لصحيفة الأخبار ، متحدثاً عن إمكانية عودة الوحدة بين الشمال والجنوب مرة أخرى :(هذا أمر صعب للغاية خاصة إذا نظرنا إلى الوحدة التي ينادون بها) ثم أردف ما يلي : (وحدة عشان أكون مواطن درجة ثانية ؟ وحدة لا تجعلني أكون رئيس دولة إلا إذا كنت مسلماً؟) مضيفاً : (الآن أنا لديّ دولة ذات سيادة لها سفارات وبترول واقتصاد منفصل وغيرها من موارد أعود للوراء لكي أشحد في الخرطوم لتبني لي مدرسة وشارع)؟

هذه مشاعرهم أيها الناس نحونا ولن تتغير حتى لو فروا من بلادهم بالملايين نحو السودان الذي لطالما أبغضوه وفارقوه بتصويتهم للانفصال ، أقول حتى لو فروا إليه طلباً للأمن والأمان والغذاء بعد أن قتل بعضهم بعضاً وشردوا في بلاد الدنيا.

بعد حديث السفير كنت قد كتبت بعض الخواطر أنقل بعضها إليكم الآن :

لم أدهش لكلام السفير الذي عبّر عن نفسه بشجاعة أخرج بها أضغانه القديمة لكنّي استغربت أن تصدر تلك التصريحات المسيئة في هذا الوقت بالذات الذي كان ينبغي أن يكون وقت نثر عبارات التقدير والعرفان لمواقف السودان الذي نجح في رتق فتوق دولة الجنوب وحروبها وفي إيواء الملايين من مواطنيها الفارين من جحيم الحرب والجوع والتشرد على حساب خدماته الشحيحة واقتصاده المنهك.

ليت هذه التصريحات تقنع من لا يزال يبكي حزناً على فراق أناس لم يُبارح الحقد صدور حتى دبلوماسييهم وفي أكثر الأوقات استدعاء للصمت إن تعذر الثناء والتقدير.

قال سعادة السفير – لا فض فوه – وحدة عشان أكون مواطن درجة ثانية؟ دعني أجاريك أيها السفير وأقر بأنك كنت مواطن درجة ثانية في الشمال، لكن هل نسيت أن الشمالي الذي كان يقيم في الجنوب كان (درجة رابعة) يقدم عليه اليوغندي والكيني وجميع الأجانب؟ إن كان الجنوبي مواطن درجة ثانية في الشمال فقد كان يعيش في الخرطوم آمناً مطمئناً لا يعتدي عليه أحد بينما كان الشمالي في الجنوب يُقتل ويُعذّب وتُصادر ممتلكاته ويُسمى بالمندكورو أي (الحثالة)!

ثم قال السفير :(وحدة لا تجعلني أكون رئيس دولة إلا إذا كنت مسلماً)؟.. وأود أن أسأله : من قال لك إنك كنت ممنوعاً أن تكون رئيساً؟ لقد كان ذلك متاحاً لكل سوداني شمالي أو جنوبي، ولكن قل لي بربك هل يمكن للمسلم أن يصبح رئيساً لأمريكا أو ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا) طبعا لا يمكن لأنه لن يُنتخب أصلاً من أغلبية مسيحية وهذا هو المنطق الديمقراطي .. كذلك الحال هنا في السودان الذي لا يمكن لغالبية شعبه المسلم أن تنتخب مسيحياً فما هي وأين هي المشكلة؟!

المشكلة تكمن في أن زعيمكم قرنق خاض الحرب لمدة (22) عاماً لكي يهزم القوات المسلحة السودانية ويصبح رئيساً بالبندقية وبقوة السلاح ولكنه فشل في ذلك ثم أصبح بموجب اتفاقية نيفاشا نائباً أول لرئيس الجمهورية فهل قصر معه الشمال حين نصّبه في ذلك المنصب الرفيع ثم حين نصب سلفاكير بعد هلاك قرنق في ذلك المنصب الكبير بالرغم من أنه مسيحي؟!

مبروك عليك دولتك ذات السيادة أيها السفير والتي تستطيع أن تصبح فيها رئيساً، ولكن قل لي بربك : هل يستطيع أحد من غير قبيلة الدينكا أن يصبح رئيساً؟!

لا أريد أن أنكأ الجراح وأتحدث عن الحرب الأهلية التي اشتعلت بين القبائل الجنوبية لكي أجاريك في لغتك غير الدبلوماسية.

أقول إنني والله سعيد للاتفاق المبرم بين قيادات دولة جنوب السودان وأتمنى أن يُوقف الحرب إلى الأبد، ذلك أننا ما أيدنا دعوتكم للانفصال ، أو سمه الاستقلال ، إلا لتحقيق السلام بعد نصف قرن من الحرب بينكم وبين الشمال، وأود أن أؤكد مجدداً أن المرء لا يستطيع أن ينام من انبعاث الضجيج في بيت جاره فكيف بالحرب؟ لذلك فإننا سعداء بالسلام الذي تحقق مؤخراً في دياركم ، ذلك أن توقف الحرب في بلادكم يجنبها والسودان الكثير من الشرور .

في الختام أود أن أناصحكم مرة أخرى لأقول إنني أرفض أن تُسمى بلادي باسم (دولة شرق تشاد) أو (دولة جنوب مصر) أو (غرب أثيوبيا)، فلماذا ترضون أن تكونوا دولة تابعة لدولة أخرى تسمى (دولة جنوب السودان) ولماذا لا تختارون اسماً يعبر عن الاستقلال الذي تتباهون أنكم حققتموه بالانفصال عن السودان مثل (دولة الاماتونج).أو (دولة ازانيا) او غير ذلك؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى