بحث عن المنهج الدراسي ، بحث كامل عن المنهج الدراسي جاهز بالتنسيق

تمثل وسائل الإعلام أحد أكبر التحديات التي تواجه المؤسسات التربوية في هذا العصر، مما كان له اثر كبير على أهداف المدرسة وتوجهها
. وتمثل التربية الإعلامية أحد أوجه هذا التأثير. تناقش هذه الورقة دور المدرسة في تربية الطلاب تربية إعلامية من خلال تعزيز الوعي الإعلامي لديهم وإكسابهم مهارات التفكير الناقد. تعرف الورقة بمفهوم التربية الإعلامية Media Literacy والهدف منها، كما تعرض لمفهوم التفكير الناقد الذي يمثل جوهر التربية الإعلامية و يقود إلى التلقي الواعي والناقد. وتستعرض أيضا جوانب تنمية مهارات التربية الإعلامية في مناهج المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال الحديث عن تدريس مهارات التفكير وتطوير استراتيجيات التدريس.

تخلص الورقة إلى عدم وجود برامج مستقلة للتربية الإعلامية في المناهج السعودية، كما أن تدريس مهارات التفكير لم يوجه بشكل مباشر إلى تطبيقات التربية الإعلامية
.

مقدمة
بالرغم من كل ما يمكن أن تقدمه وسائل الإعلام للتربية في العصر الحديث إلا أنها تمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه المؤسسات التربوية في هذا العصر
. بل لعله ليس من المبالغة القول بأن الثورة الإعلامية الحديثة أجبرت الأنظمة التربوية على فتح أبعاد جديدة وقادتها إلى تحولات جوهرية، وجعلت مهمتها أكثر صعوبة من أي وقت مضى. فوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية التقليدي منها والحديث أصبحت شريكا (وربما شريك متفوق) في العمل التقليدي للمؤسسات التربوية. ومن الواضح أن آثارها تتفوق في كثير من الأحيان على آثار المؤسسات التربوية وربما في بعض الأحيان تضاده.

وفي ظل الثورة الإعلامية والمعلوماتية التي تميز بها هذا العصر وما ظهر فيه من انفتاح في القنوات الفضائية وسهولة اتصال عبر الانترنت والفضاء صار لزاما على المدرسة ـ المؤسسة التقليدية للتربية ـ أن تواكب هذا كله، وأن تبحث عن سبل تواجه فيه الجوانب السلبية للإعلام وتوظف الجوانب الإيجابية في تعزيز عملها التربوي
.

وهذه الورقة تناقش دور المنهج المدرسي في إعداد الطلاب للتعامل الواعي مع وسائل الإعلام، من خلال ما يسمى بمحو الأمية الإعلامية
Media Literacy، أو ما يمكن أن نسميه التربية الإعلامية أو الوعي الإعلامي.

لماذا وسائل الإعلام؟ إحصاءات إعلامية
يعج الفضاء العربي بعامة والسعودي بخاصة بعدد كبير من القنوات الفضائية والإذاعية التي تتزايد يوما بعد يوم، كما أن هناك تناميا في الإعلام المكتوب سواء التقليدي أو الإلكتروني، مع تزايد استخدام الانترنت
.

اتسعت دائرة الوسائل الإعلامية في هذا العصر لتشمل
:

التلفزيون والقنوات الفضائية
المحطات الإذاعية
الصحف والمجلات
مواقع الانترنت
المنتديات الإلكترونية
المدونات الإلكترونية
Blogs

الإعلام المتنقل
(الهاتف الجوال)

عدد القنوات الفضائية
عدد مستخدمي الاننرنت في المملكة
مقدار الوقت الذي يصرفه الطالب السعودي أمام التلفزيون
ويتعرض الطالب السعودي إلى قدر كبير جدا من الرسائل الإعلامية من خلال هذه الوسائل المتعددة والمتنوعة، والتي في غالبها تكون غير منضبطة بقيود اجتماعية أو قيمية، بل يسيرها الربح المادي أو التوجيه الآيديولوجي، ويتم فيها خلط الخبر بالرأي بالإعلان، بحيث تمرر رسائل وتحقق أهداف من خلال هذا الخلط
. بل إن بعضها يوفر نوعا من “التعمية” على المشارك مما يسهل بث المحتوى غير المسئول.

تتميز وسائل الإعلام بقدرة تأثيرية وتوجيهية للأسباب التالية
:

التنوع
: حيث توجد الوسائل المقروءة بأنواعها والمسموعة والمرئية
توظيف الجوانب النفسية في جذب الانتباه والتأثير والاقناع
التفاعلية: حيث يمكن للمتلقي التفاعل مع كثير من تلك الوسائل
الوفرة: حيث تعمل كثير من وسائل الإعلام على مدار الساعة وتنقل الاحداث بشكل مباشر.

سهولة التواصل
: حيث أن كثيرا من وسائل الإعلام يمكن الوصول لها ومتابعتها من البيت ومن أي مكان.

الخصوصية
: حيث يمكن للمتلقي التعامل مع تلك الوسائل بخصوصية تامة
التحرر من القيود والأعراف الثقافية والاجتماعية، حيث لم ترك هذه الوسائل الإعلامية مجالا لم تدخل فيه، فجميع المجالات بلا استثناء عقدية وشرعية وقيمية واجتماعية صارت ميدان لهذه الوسائل.

هذه الميزات جعلت أثر الإعلام يفوق الأثر الذي توجده المدرسة، بل في بعض الأحيان يضاده أو ينقضه، وهذا ما يصعب من مهمة المدرسة
. أضف إلى ذلك ما يلاحظ من كون الشباب ـ وربما الكبار أيضا ـ، كما يقول (McDeromtt, 2007) مستهلكين سلبيين يندر أن يتحققوا من المحتوى الإعلامي الذي يحيط بهم.

ووما يزيد الأمور خطورة أن القائمين على كثير من أجهزة الإعلام يضعون اسسا لتداول الصور والمعلومات التي توثر على معتقدات وسلوك المشاهد واتجاهاته، بما يجعلهم يتحولون إلى سائسي عقول
(شيلر، 1986).
“إن ما يشاهده الناس أو ما يستمعون إليه وما يرتدونه وما يأكلونه والأماكن التي يذهبون إليها وما يتصورون أنهم يفعلونه كل ذلك أصبح وظائف يمارسها جهاز إعلامي يقرر الأذواق والقيم التي تتفق مع معاييره الخاصة” (شيللر 1986، ص 212)

دور المناهج الدراسية
في ظل هذا التوسع المتزايد لدور وسائل الإعلام في التأثير على المجتمع بشكل عام والطلاب بشكل خاص أصبح من الملح أن تقوم المدرسة بدور فاعل من خلال المنهج الدراسي لتزويد الطلاب بالمهارات اللازمة للتعامل مع وسائل الإعلام
. فمن غير الممكن في عصر التفجر المعلوماتي والزخم الإعلامي أن تحدد المدرسة للطلاب ما هو مقبول وما هو غير مقبول فيما يتلقونه من رسائل إعلامية متواصلة، فصار السبيل الوحيد المقدور عليه هو تزويد الطلاب بالمهارات التي تمكنهم من تفحص تلك الرسائل الإعلامية وإكسابهم استراتيجيات تحليل المحتوى المعلوماتي الموجود فيها بما يساعدهم على اتخاذ قرارات مستنيرة وواعية حيالها.

وإيمانا بأهمية دور المدرسة في التربية الإعلامية عقد مكتب التربية لدول الخليج العربية في الرياض ندوة دور التربية في مواجهة الآثار السلبية المتوقعة للبث التلفزيوني الأجنبي المباشر عام
1415 وكان من ضمن التوصيات (الخروج بالمناهج الدراسية عن النمط التقليدي في عرض الأفكار والمفاهيم والمعلومات وتوظيف تقنيات الاتصال المتقدمة في إعداد المناهج الدراسية وتدريسها بأسلوب يمكن الطالب من التحليل الموضوعي والتفكير العلمي الناقد)

التربية الإعلامية
Media Literacy

ومن أهم الاستراتيجيات التي تسلكها المناهج المدرسية في تهيئة الطلاب للتعامل الواعي مع وسائل الإعلام تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الطلاب وإيجاد وعي إعلامي، بحيث يستطيع الطالب أن يكون متلقيا إيجابيا للرسائل الإعلامية يحللها ويقومها، وبل ويشارك في صياغتها بشكل تفاعلي
.

وقد استحدثت بعض الأنظمة التربوية ـ خاصة الغربية ـ ما يسمى بالتربية الإعلامية لجعل الطلاب قادرين على التصدي الواعي لهذا الطوفان الإعلامي الذي يحاصره في كل مكان
.

ويعرف
(McDeromtt, 2007) التربية الإعلامية بأنها[تكوين] القدرة على قراءة الاتصال وتحليله وتقويمه وانتاجه. فالوعي الإعلامي لا يقتصر على جانب التلقي والنقد فقط بل يجب أن يتعدى ذلك إلى المشاركة الواعية والهادفة لإنتاج المحتوى الإعلامي. ويشير هوبس (Hopps, 1998) إلى أن التربية الإعلامية تشمل القدرة على الوصل للمعلومات والقدرة على تحليل الرسائل وتقويمها وإيصالها.

كما يؤكد ماك برين
(McBrien 1999 ) أنه بتعليم الطلاب كيفية تقويم الصور الإعلامية التي تحيط بهم فإننا نزودهم بالوسائل لاتخاذ خيارات مسؤولة عن ما يسمعونه ويرونه.

ويشير سلفربلات
(Silverblatt 2001) إلى أن التربية الإعلامية Media Literacy تشتمل على التفكير الناقد الذي يمكن المتلقي من بناء أحكام مستقلة عن المحتوى الإعلامي.

فالتربية الإعلامية تشجع الطلاب على التوقف عند ورود الرسائل الإعلامية لتحليلها وتحديد هدفها ولمن هي موجهة؟ولماذا صيغت في إطار معين؟ وما هي الحقائق الموجودة فيها أو المفقودة فيها؟ وما هي المصادر المحايدة التي يمكن التحقق منها
. ونحو ذلك.

وتشير كثير من الدراسات إلى ظهور أثار إيجابية لهذه البرامج على الطلاب، حيث أوجدت لديهم وعيا بالمضامين الإعلامية وكونت لديهم قدرة على تحليل الخطاب الإعلامي ولو بشكل مبسط
(Robert, et al 2002).

مناهج التعليم العام في المملكة العربية السعودية والتربية الإعلامية
لم تعن مناهج وزارة التربية بشكل مباشر بالتربية الإعلامية وتخصص لها برنامجا خاصا، إلا أنها تشتمل على جوانب كثيرة تعزز تنمية جانب الوعي الإعلامي وتنمي الجانب النقدي لدى الطالب، وذلك من التأكيد على إدخال مهارات التفكير في المناهج الدراسية
.

مشروع إدخال مهارات التفكير في المناهج الدراسة
اهتمت مشروعات تطوير المدرسة في العقود الأخيرة بإدخال مهارات التفكير ضمن المناهج الدراسية، وذلك للقناعة بأن امتلاك مهارات التفكير السليم يعد الطالب بشكل أفضل لمواجهة الحياة
.

وهناك توجهان عامان في تدريس مهارات التفكير
:

الأول
: تخصيص برنامج مستقل لتدريس التفكير، بحيث يكون تدريس التفكير مادة مستقلة.

الثاني
: دمج تدريس مهارات التفكير ضمن المواد الدراسية، بحيث يتم تمرين الطلاب على هذه المهارات من خلال أنشطة المواد الدراسية الأخرى.

وقد كان الخيار في وزارة التربية في المملكة العربية السعودية الأخذ بالتوجه الثاني
. وقد بدأ العمل عام 1423 بإقامة ورش عمل للمشرفين لتزويدهم بمهارات دمج مهارات التفكير في المنهج الدراسي في التربية الإسلامية. وتم بعد ذلك العمل على مشروع متكامل لتطوير تدريس مهارات التفكير. وبشكل لعام فإن مشروع التطوير الشامل للمناهج الذي تعمل عليه وزارة التربية يسير على هذا التوجه ويؤكد على تنمية مهارات التفكير لدى الطلاب، وبالذات التفكير الناقد. ويذكر الكتيب التعريفي بالمشروع ضمن أهداف المشروع الشامل لتطوير المناهج الآتي:
“إيجاد تفاعل واع مع التطورات التقنية المعاصرة وبخاصة التفجر المعرفي والثورة المعلوماتية…

تضمين المناهج التوجهات الإيجابية الحديثة في بناء المناهج، ومنها مهارات التفكير، مهارات حل المشكلات، مهارات التعلم الذاتي، التعلم التعاوني، والتواصل الجيد مع مصادر المعرفة
. ”

ومن المؤكد أن وسائل الإعلام في هذا العصر من المصادر الأساسية للمعرفة
.
ولدعم هذا التوجه فقد أصدر التطوير التربوي بوزارة التربية دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير. وقد اشتمل الدليل على أربعة محاور:

الأول
: مصطلحات ومفاهيم عن التفكير وأنواعه.

الثاني
: مهارات التفكير
الثالث: الاستراتيجيات والطرائق التي تسهم في تنمية التفكير
الرابع: نماذج تطبيقية في تعليم التفكير.

كما أنه في مجال إعداد المعلم في هذا المجال أقيم مشروع
(تطوير استراتيجيات التدريس) والذي هدف إلى تزويد المعلمين باستراتيجيات تدريسية حديثة تركز على مهارات التفكير وتنشيط دور المتعلم في العملية التدريسية. فقد ورد في الهدف العام للمشروع “… تطوير ممارسات المعلمين … من خلال تدريب المعلمين على استراتيجيات تدريس جديدة تفاعلية تشجع المتعلمين على اكتشاف المعارف وبنائها وتتضمن … نشاطات مفتوحة النهايات، تسمح بالتفكير الحر النشط … وتحفز المتعلمين للتساؤل والبحث…” (الكتيب التعريفي للمشروع 1423). وقد كان من الاستراتيجيات المقدمة: التفكير الناقد،التفكير الإبداعي، العصف الذهني، التعرف على الأنماط، وخرائط المفاهيم، والاستقصاء.

التفكير الناقد
تعتمد التربية الإعلامية بشكل كبير على تنمية التفكير الناقد لدى الطلاب
.

تعريف التفكير الناقد
:

يعرف
(دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير) (وزارة التربية 1423 التفكير الناقد بأنه “نشاط عقلي متأمل وهادف يقوم على الحجج المنطقية، وغايته الوصول إلى أحكام صادقة وفق معايير مقبولة. ويتألف من مجموعة مهارات يمكن استخدامها بصورة منفردة، أو مجتمعة، وتصنف ضمن ثلاث فئات: التحليل والتركيب والتقويم”. (ص 7).

تدريس مهارات التفكير وخاصة التفكير الناقد يؤدي إلى ما أسماه بعض الباحثين
(Messaris 1994 ) المشاهدة الناقدة، وهي مجموعة من المهارات المتقدمة التي يتمكن من خلالها المشاهد من النفاذ إلى الطبقات المتعددة للرسالة الإعلامية للوصول إلى المعاني التي تخدم أهداف المشاهد. وتتطلب هذه العملية مجموعتين من المهارات:
1. المهارات المتركزة على الرسالة الإعلامية.

وهي المهارات التي تمكن الطلاب من فهم وبناء المعنى للمحتوى الذي يشاهدونه من خلال العمليات العقلية التالية
:

اـ التحليل، وفيه يتم تفكيك الرسائل المتضمنة في المحتوى إلى مكونات أساسية ذات معنى لتقدير مدى دقتها ومدى فائدتها
. وفي هذه العملية يتم التفريق بين الخبر، والرأي، والحقيقة، والانطباع، بحيث يمكن النظر إلى كل نوع من هذه الأنواع بشكل منفصل عن غيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى