الوقآحة ظآهرة منتشرة لدى المراهقين 2019

أنتم لا تفهمون شيئًا»، «أنتم ظالمون مملون»… يطلق المراهق عبارات جريئة تصل إلى حد الوقاحة أحيانًا، فهو ينعت أهلّه بالظالمين والمملين عندما لا يوافقون على طلبه. وتذكّر وقاحة المراهق بمرحلة الطفولة حين كان يعبّر عن اعتراضه بـ«لا». وبعد سنوات يعود إلى إيقاع الاعتراض ولكن بمفردات تبدو أحيانًا وقحة. وهكذا يواجه الأهل مرحلة اعتراض جديدة تتصف بالاستفزازية. فهل العبارات والسلوك الوقح من مظاهر المراهقة؟ وما أسباب وقاحة المراهق؟ وإلى ماذا تشير؟ وما دور الأهل في تعزيز هذه الوقاحة أو في تقليصها؟
أن الوقاحة ظاهرة منتشرة بين العديد من المراهقين ولكنها متفاوتة ، فمن المعلوم أن المراهق يميل إلى التمرّد ورفض وصاية الأهل ونصائحهم، فهو يعيش في عالمه الخاص ويحاول بشتى الوسائل الانفصال و الاستقلال عن العلاقة التبعية التي تربطه بوالديه. وتشغل باله هويته الشخصية الناشئة التي تتحوّل إلى محور اهتمامه بل حتى تصبح هاجسًا بالنسبة إليه. فالمراهق بدأ يكتشف تميزه وتفرّده بعدما كان بالأمس القريب في حالة انصهارية مع والديه، مما يجعله في مواجهة مع ذاته ومع البيئة الاجتماعية المحيطة به. ولعل محاولته الانسلاخ عن مبادئ عائلته وقوانينها إحدى وسائله لتأكيد تميّزه عن باقي أفراد العائلة وإثبات هويته المستقلّة. وهذا أمر طبيعي لأنه بدأ يدخل مرحلة جديدة من تطوّره النفسي يريد من خلالها إثبات كيانه كشخص راشد مستقل يمكنه تحمّل المسؤولية والاعتماد على نفسه في مجالات مختلفة، فلا يقبل تدخل الأهل في شؤونه الخاصة.

هل هذا يعني أن الوقاحة ظاهرة طبيعية وعابرة في سن المراهقة؟
إلى حد ما، تعكس اللغة والحوار والكلمات التي يتفوّه بها المراهق مشاعره الدفينة. فمن خلال هذه الطريقة في التعبير يحدّد رغبته في تشكيل هويته، وتعزيز شعوره بأن لديه كيانًا خارج إطار العائلة. ولكن في غالب الأحيان يقول عبارات لا تعبّر عما يريده، فيجد صعوبة في معرفة ماذا يريد وفي فهم ما يشعر به، فلا يجد الكلمات والحجججججججججججج ليدافع عن وجهة نظره في مواجهة والديه، فتصبح الوقاحة والكلمات المستفزة الطريق الأسهل بالنسبة إليه لتجنيب نفسه الانقياد لمشاعره وعدوانيته المستترة. فالعبارات التي يطلقها على والديه أثناء احتدام الحوار معهم مثل «أنتم ظالمون، مملون…». والعبارات الهدّامة التي تصدر من الأهل غالبًا ما تنهي المحادثة بطريقة قاسية،

– ماذا على الأهل أن يفعلوا؟
أن يكونوا المثال. لذا عليهم التنبه إلى أسلوب التخاطب في العائلة، فالمراهق يميل إلى نسخ طرق تعبير الراشدين، معتقدًا بذلك أنه يظهر لأهله أنه أصبح ناضجًا. لذا فالقليل من الاستفزاز أمرطبيعي في هذه السن، وعلى الأهل ألا يبدوا انزعاجهم أو يثوروا على ابنهم في كل مرة يتحدّث باستهزاء، فهذا يؤدي إلى تصعيد الأمر وتعقيد المشكلة. ولكن عليهم في الوقت نفسه تنبيهه إلى الكلمات القاسية التي يتفوه بها، فعليه أن يفهم أنه من المهم مراقبة أقواله وأفعاله، وأن أمام أهله ليس كل شيء مسموح. إذ لديه الحق أن يكون غاضبًا، ويعبّر عن نفسه بحرية ولكن باحترام ومن دون فظاظة، كما من الممنوع تبادل الشتائم بين الأصدقاء والأخوة. فمن الضروري أن يفهم ضرورة احترام الآخرين ووزن كلماته.

نصآئح
الابتعاد عن استعمال ألفاظ قد تكون جارحة وعبارات لوم، مثل «هذا خطأ، أنت غير محق، ألم أنبهك إلى هذا الأمر من قبل؟». فهذه العبارات تستفز المراهق وتدفعه إلى الوقاحة خصوصًا عندما يكون في موقف حرج.

الاعتراف له بصواب رأيه ومساعدته في التفكير السليم وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل على احترامه الآخرين.

الابتعاد عن الألفاظ الاستفزازية وتكريس مفهوم التسامح والتفهم.

مشاركته في القيام بنشاطاته المفضّلة.

تشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة.

تجنب استعمال عبارات مستفزة مثل: «أنت فاشل، عنيد، متمرد، سليط اللسان، أنت دائمًا تجادل وتنتقد وأنت لا تفهم أبدًا».

عدم التركيز على السلبيات وإغفال الإيجابيات التي يقوم بها.

تكليفه بعض المهمات التي تشعره بأنه فرد له دور في إصلاح ما يرفضه.
ضرورة أن يتجنب الأهل التعامل مع ابنهم المراهق كما الطفل، بل عليهم أن يعتمدوا طريقة تعامل قائمة على الحوار الحقيقي بعيدًا عن التنافر، فليس المطلوب أن يلبي الأهل رغبات ابنهم بل تفهم وجهة نظره مما يشعره بأنهم يعترفون بوجوده وفي حقه بالتعبير عن آرائه. فمن الضروري أن يشعر المراهق بوجود آذان صاغية وقلوب منفتحة لا مجرد مجاملة ومداهنة ومسايرة لفض النزاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى