المراهقون وعلاقتهم بأشقائهم الصغار 2019

تشير دراسة حديثة إلى مدى التأثير الذي يتركه المراهقون من الأبناء على أشقائهم الأصغر سنا،مؤكدة أنه تأثير يتحكم في الجوانب العاطفية في أنفسهم والاجتماعية في تعاملاتهم عند الكبر. تبدأ عملية التأثر بالتقليد واستخدام الأساليب نفسها في التحدث والتعامل مع المحيطين،ثم تتطور إلى اتباع طرق اختيار الملابس والأصدقاء،وقد يحدث بين المراهق وشقيقه الأصغر ارتباط وثيق بحيث لا يقوى الطرف الأضعف على التصرف أو التفاعل مع البيئة المحيطة دون مشاورة شقيقه الأقوى والأكثر خبرة بالحياة.
قد ينشأ الطفل في تلك الحالة مسلوب الإرادة وغير قادر على اتخاذ قرار حاسم في حياته دون الرجوع إلى من هم أكبر منه،وقد يفقد القدرة على الاستقلال بحياته والاستغناء عن الآخرين في تصريف أموره عند الكبر،ما قد يوقعه في أزمة إذا ما تخلى عنه المحيطون لشتى الأسباب. من هنا يأتي تأكيد الدراسة على ضرورة منح علاقة المراهقين من الأبناء بأشقائهم الأصغر سنا أهمية لا تقل عن الأهمية الممنوحة لعلاقة الصغار بالآباء ومدى تأثيرهم على سلوكياتهم في المستقبل.

قد يتضاءل دور الأبوين في إرشاد الصغار من الأبناء إما بسبب التقدم في العمر أو فقدان الصبر والقدرة على التحمل لما تكبداه في تربية الأشقاء الأكبر،ما يدفعهم عادة لإسناد مهمة معاونة الأشقاء الصغار للأبناء الأكبر سنا. بالطبع يستطيع الأخ المراهق فهم متطلبات شقيقه الأصغر وإدراك نوعية احتياجاته فهو أقرب له في العمر ومر بنفس التجارب منذ زمن قريب ويستطيع فهم أبعاد مشكلاته أكثر من الأبوين،خاصة إذا ما كان الأمر يتعلق بالمجتمع المدرسي وعلاقاته بالزملاء والمعلمين.
ومع إمكانية حدوث تقارب مثمر بين الطرفين،قد ينفر المراهق من شقيقه الأصغر إما بسبب رغبته في الاستقلال أو لشعوره بالنضج وعدم الرغبة في التواصل مع من هم أصغر سنا وتفضيل الكبار عنهم،وهنا قد يجد المراهق في الابتعاد عن الجو الأسري وسيلة لحل مشكلته. أضف إلى ذلك الشعور بالغيرة عند منح الأبوين الشقيق الأصغر اهتماما زائدا وعند الإفراط في تدليله على حساب المراهق الذي لا يدرك أنه نال القدر ذاته من الاهتمام عندما كان في تلك المرحلة. يحتاج المراهق أيضا إلى شيء من الخصوصية،فربما يدخل في علاقة حب مع إحدى زميلات الدراسة ويخشى افتضاح أمره أو ينجر إلى التدخين أو مشاهدة البرامج الجنسية،وهي أمور يحرص دائما على تفادي اطلاع الأبوين عليها،وتحدث المشكلة إذا جند الأبوان الشقيق الأصغر لمراقبة سلوك شقيقه الأكبر لفضح بعض أسراره،ما قد يسفر عن شعور بالنفور من جانب المراهق تجاه شقيقه ومزيد من التباعد!
اختلاف المراهق عن الشقيق الأصغر في الجنس له تبعاته ومشكلاته الخاصة. يتعلم الطفل الذكر من الأخت المراهقة بعض الأمور التي تصبح سلبية إذا ما اعتاد عليها،مثل طريقة التحدث والإشارة بالأيدي وطريقة اختيار ألوان الملابس وطريقة منح الأمور مسمياتها الخاصة،وقد يسفر عن ذلك سخرية البعض وتجنب البعض الآخر للتعامل معه عندما يشب. من ناحية أخرى تكتسب الطفلة المحاطة بأشقاء من الذكور بعض الميول للعنف والعدوانية وتتصرف بأساليب لا تليق بنوعها كأنثى،وقد تجد صعوبة في التعامل مع زميلات الصف من جراء استخدامها أساليب في التخاطب والتعامل لا يستطعن التجاوب معها. ومع حدوث تلك المشكلات يصبح من الضروري تدخل الأبوين عند ملاحظة تلك السلوكيات غير المستحبة على الطفل وفصله عن شقيقه الذي ينتمي لجنس آخر كي لا تتفاقم المشكلة.
التواصل مع الأبناء ومراقبة سلوكياتهم والعمل على التقريب بينهم وإنهاء حالات التباعد التي قد تطرأ على علاقاتهم من أبرز مهام الأبوين. لن يستطيع المراهق التكيف مع حياته الأسرية في ظل وجود تفرقة في المعاملة بينه وبين شقيقه الأصغر إلا بتدخل من الأبوين،ما يعني أن تجاهلهما لتلك المهمة قد يخلق جوا أسريا غير سليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى