المؤتمر الوطني .. ديكور القرارات.. بقلم محمد وداعة

السودان اليوم:

دائماً يأتي احدهم ،فيقطع مسلسل تقليب الدفاتر مع رئيس الوزراء، و الرجل ينهك نفسه و يبدو متعباً من زيارات ميدانية للمخابز ومحطات الوقود و مرات في الصيدليات، ومع الأسف لا تبدو في الافق بوادر لحل الازمات، و ما يحدث من تفاصيل يومية يؤشر إلى استفحالها، و مع ذلك يدبج البعض المقالات متغزلا في الطواف الميداني لرئيس الوزراء، ولعل الطيب مصطفى لن يكون آخرهم ،فكتب مدافعا عن اختيار ضياء أمينا عاما لمجلس الوزراء.

قبل الدخول في تقييم القرارات التي تم التطبيل لها من البعض ومحاولتهم تجميلها بعمليات الديكور والكوافير، ولخطورة الأمر، دعونا نعطي نبذة مبسطة عن ما هي هندسة الديكور! فهذا العلم يتناول التصميم الداخلي للمكان، ويكون ذلك من خلال تنظيم تفاصيل تفاعل الاشياء فيه من حيث شكل الأثاث وطريقة توزيعه، ومراعاة الأبعاد حوله والاستفادة قدر الإمكان من الفراغات الرأسيّة والأفقيّة فيه، مع الحرص على تحقيق عناصر الراحة، ويشار إلى أنّ هذا التخصص منقسم إلى مواد نظريّة وأخرى تطبيقيّة يتم تنفيذها في الفلل أو البيوت وأماكن أخرى، فهو علم للجمال وشبيه بالكوافير الذي يجرى في السابق للسيدات دون الرجال حتى قيل ذلك المثل في حق المرأة التي تذهب للكوافير بصفة مستمرة (بالكوفير كالبدر تبدو وإن تركته صارت عم عبدو).

اتعجب كثيرا، بعد هذا، لمن يدافع عن تعيين ضياء الدين عبد القادر أمينا عاما لمجلس الوزراء وأستنكر أكثر واتعجب لما ورد بصفحة وحدة تنفيذ السدود، تحت عنوان «م/ ضياء الدين محمد عبد القادر الأمين العام لمجلس الوزراء … رصيد الخبرة والإنجاز» فعند التعريف به اوردت الوحدة الآتي نصا (درس م. ضياء الدين الهندسة ومن ثم نال بكالريوس ادارة الاعمال من جامعة الزعيم الازهري ويعكف حالياً على مناقشة الماجستير في الإدارة) !!إن الوحدة قد اوضحت بجلاء أن ضياء الدين قد نال بكلاريوس وفي ادارة الاعمال ومن جامعة الازهري، لكن لم توضح لنا الوحدة شيئا عن أي هندسة درسها ضياء الدين فقد أوردتها نكرة، واي باب من أبوابها طرقه وأي جامعة تخرج فيها … وهل صحيح ما يشاع أنه تخرج بمؤهل دبلوم ديكور سنتين في كلية الخرطوم التطبيقية؟ وماهو العيب في ذلك حتى تتحاشى وحدة تنفيذ السدود ذكر هذه المعلومة؟ فالديكور كما أوردنا أعلاه هو علم وفن الجمال التي أهمها ملء الفراغات. كان الأجدر بمحرري موقع وحدة تنفيذ السدود إكمال سيرة ضياء الذاتية وذكر خبرته العملية وإنجازاته بعد حل الهيئة القومية للكهرباء عام 2010 م حيث تقلد منصب مدير عام الموارد المالية والبشرية بوزارة الموارد المائية والكهرباء والسدود، فقد أنشئت في عهده شركات الكهرباء الخمس والتي زج فيها من زج دون هياكل تنظيمية مجازة واستحدث فيها مسميات وظيفية غير معروفة في تاريخ الخدمة المدنية بل هي مثل مسميات مقاس ورق الطباعة A3, A4 وذلك بعد أن تخلص من الكفاءات التي كانت تزخر بها الهيئة وحشر بهم في هياكل الموارد المائية ضاربا عرض الحائط بكل قوانين ولوائح الخدمة المدنية، وما فضيحة مستندات انتدابهم للعمل في الوزارة التي خالفت قوانين ولوائح الخدمة المدنية في طريقة التطبيق والمدة الزمنية والتي اخفيت عمدا منذ أن وقع عليها في اول أغسطس من العام 2014 م دون أن يستوفي المنتدبين حقوقهم اللائحية حتى الآن إلا شاهدا على احترافية الرجل في تنفيذ عمليات الديكور وفي تشكيل كوادر الخدمة المدنية وتوزيعها وملء الفراغات الرأسيّة والافقية فيها بما يشبه قميص فرعون، فأين وزارة العمل وديوان شئون الخدمة مما حدث ويحدث إن على موقع السدود أن يجيب »أين كانت تذهب أموال الكهرباء في عهده « ويطلع الناس عن »ماذا كتب المراجع العام عند مراجعته الوزارة وماذا كان تعليق ديوان شئون الخدمة وما هي قصة ال 168 مليار التي ذاع صيتها .« بعد الضجة التي صاحبت الترشيح لرئاسة الجمهورية وإعتراض الكثير من قيادات المؤتمر الوطني على تعديل النظام الأساسي للمؤتمر الوطني وإنقسام قيادات بارزة جاهرت برفضها للتعديل، نجد بعد أشهر قليلة أن شورى المؤتمر الوطني قد أجاز التعديل وبالإجماع في قرار وجد عدد غير قليل من المطبلين له !!

أما في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الحالية وملابساتها، ففي مساء الأحد 9 سبتمبر الماضي، تم أولا بالقصر الجمهوري إجتماع الهيئة التنسيقية العليا لمخرجات الحوار الوطني برئاسة الرئيس عمر البشير، الذي أبلغ اللجنة عن رغبته القيام بإجراء تغييرات شاملة في أجهزة الحكم تشمل، حل مؤسسة الرئاسة وحل الحكومة وتقليص الوزارات من 31 وزارة إلى 21 بتقليص 10 وزارات كما ستشمل الإجراءات تغييراً في منصب رئيس وزراء الحكومة. حدث ذلك، وفي اول سابقة، قبل الإجتماع بالمؤتمر الوطني.

أما أعضاء الحكومة من رئيس مجلس الوزراء وبقية الوزراء الجدد، فيقول أحد العارفين بأن معظم عضوية المؤتمر الوطني قد تفاجأت بهم بل إن من بعض الوزراء الذين تم إختيارهم ضمن حصة وزراء المؤتمر الوطني من لا تربطهم أي علاقة أو صلة عضوية به، بل إن ما تم من تغيير لوكلاء الوزارات وحتى منصب الأمين العام لمجلس الوزراء كانت معظم قيادات المؤتمر الوطني آخر من يعلم بهم. يتم ذلك بعد ان تم ترفيع أمانة العاملين بالحزب إلى قطاع !! رغم كل ما حدث نجد أن هنالك أصوات تدعي تبني قيادات المؤتمر الوطني لهذه القرارات بل وتلمع هذه القرارات وتقوم بتجميلها تماما كما يفعل مهندس الديكور الذي يريد لنا أن نرى المظهر لا الجوهر، فهل فرغت صفحة وحدة تنفيذ السدود من عملية تضخيم إنجازات الوحدة وانصرفت إلى تمجيد وتجميل قرارات رئيس الوزراء ؟؟ أين قيادات المؤتمر الوطني إن وجدوا مما يحدث، هذا تزوير للحقائق ومحاولة لخلق كاريزما غير موجودة، غض الطرف عن قدرات و امكانيات رئيس الوزراء القيادية ، الا انه لا يحسن اختيار معاونيه ، ولن تسعفه معايير العلاقة الشخصية و الولاء في الخروج من الازمات !
نواصل مع معتز تقليب دفتر شهادات شهامة و التصكيك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى