الكعبه المشرفه والميزاب , صفة ميزاب الكعبة المشرفة

ميزاب الكعبة المشرفة هو الجزء المثبت على سطح الكعبة في الجهة الشمالية ، والممتد نحو الحِجْر ، والمصرف للمياه المتجمعة على سطح الكعبة عند سقوط الأمطار أو غسل السطح إلى حجر الكعبة .
وأول من وضع ميزابًا للكعبة المشرفة قريش حين بنتها وجعلت لها سقفًا .
فقد ذكر ابن هشام عن ابن إسحاق قال : « … فلما بلغ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خمسًا وثلاثين سنة ، اجتمعت قريش لبنيان الكعبة ، وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها ، وإنما كانت رضمًا فوق القامة ، فأرادوا رفعها وتسقيفها ، وذلك أن نفرًا سرقوا كنزًا للكعبة …» .
وقال الأزرقي في خبر بناء قريش للكعبة المشرفة : « وجعلوا ارتفاعها من خارجها من أعلاها إلى الأرض ثمانية عشر ذراعًا ، منها تسعة أذرع زائدة على طولها حين عمرها الخليل عليه السلام ، واقتصروا من عرضها أذرعًا جعلوها في الحِجْر ؛ لقصر النفقة الحلال التي أعدوها لعمارة الكعبة عن إدخال ذلك فيها ، ورفعوا بابها ؛ ليدخلوا من شاءوا ، ويمنعوا من شاءوا ، وكبسوها بالحجارة ، وجعلوا في داخلها ست دعائم في صفين ، ثلاث في كل صف من الشق الذي يلي الحجر إلى الشق اليماني ، وجعلوا في ركنها الشامي من داخلها درجة ، يصعد منها إلى سطحها، وجعلوه سطحًا ، وجعلوا فيه ميزابًا يصب في الحجر » .
ثم لما بناها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وضع لها ميزابًا ، وجعل مصبه على الحِجْر كما فعلت قريش .
ثم لما أنقص منها الحجاج بن يوسف ما زاده فيها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما على بناء قريش حسب قواعد إبراهيم – صلى الله عليه وسلم – ، وضع الميزاب في موضعه من الجهة الشمالية ، وجعل مصبه على الحِجْر كما كان سابقًا .
وأول من جعل عليه الذهب الوليد بن عبد الملك . قاله الأزرقي .
وقال ابن فهد في حوادث سنة 537هـ : « وصل مثقال إلى مكة ومعه ميزاب للكعبة الشريفة ، كان عمله مولاه رامشت بن الحسين الفارسي صاحب الرباط المشهور بمكة ، وركب بالكعبة الشريفة في سنة 539هـ » .
وفي سنة 541هـ أو التي بعدها قلع ميزاب رامشت ، وركب ميزاب عمله أمير المؤمنين المقتفي العباسي .
ومن ذلك ميزاب عمله الناصر العباسي ، واسمه مكتوب فيه ، وهو من خشب مبطن بالرصاص ، في الموضع الذي يجري فيه الماء ، وظاهره فيما يبدو للناس محلى بفضة .
وذكر ابن فهد : أن الأمير سودون باشا عمر الميزاب من ضمن العمارة التي أجراها في عموم الحرم عام 781هـ .
وجاء في تحصيل المرام : أن هذا الميزاب قلع في سنة 959هـ وعمل على صفته ميزاب حلي بالفضة وطلي بالذهب ، بأمر من السلطان سليمان ، وركب في الكعبة المشرفة في موسم السنة المذكورة . وأمر بنقل الميزاب القديم إلى خزانة الروم ، فتعرض له بنو شيبة ، فأعطوا في مقابلة ذلك وزن فضة من بندر جدة ، وذلك بحسب تخمين نائب جدة والقاضي بمكة ، ألفان وثمانمائة درهم فضة .
ومن ذلك ميزاب عمله السلطان أحمد خان ، قال عنه الطبري : وفي سنة 1020هـ ورد من الأبواب السلطانية حسن أغا المعمار ومعه ميزاب للكعبة ونطاق من فضة مطلي بالذهب يشد به البيت الشريف ، وذلك لما أنهى للسلطان تصدع في جدار البيت الشريف من سيل دخل الحرم ، وصحيفة توضع على وجه الباب الشريف من ذهب ، مكتوب عليها قوله تعالى :
الكعبه المشرفه والميزاب , صفة ميزاب الكعبة المشرفة
ومن ذلك ميزاب عمله السلطان أحمد خان في سنة 1012 هـ .
ومن ذلك ميزاب عمله السلطان عبد المجيد خان في القسطنطينية ، ثم جيء به صحبة الحاج رضا باشا ، وركب سنة 1276هـ ، ثم حُمل الميزاب القديم في العام القابل إلى الأبواب العالية ، والميزاب الجديد مصفح بالذهب نحو خمسين رطلاً بحسب التخمين ، والله أعلم .
أما الميزاب الموجود في الكعبة المشرفة إلى العصر الحاضر فهو ميزاب السلطان عبد المجيد خان ، وقد تم إصلاحه في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله ، وذلك حين رمم سطح الكعبة المشرفة .
فقد ذكر الكردي في التاريخ القويم قال : « وفي سنة 1377هـ في يوم الخميس 9 شعبان ، تم إصلاح الميزاب الذي عمله السلطان عبد المجيد خان العثماني ، وهو من الذهب الخالص التكليف مبطن من الداخل بالفضة الخالصة السميكة ، يعني أن الذهب محيط بالفضة من بطنه وجانبيه ، أما علو الميزاب فهو مفتوح لا غطاء عليه ، وبين الذهب والفضة خشب سميك من جانبه وبطنه الأسفل ، وكل ذلك مسمر بمسامير من الذهب الخالص ، وهو على شكل المستطيل ، على وجهه قطعة من الذهب الخالص ومدلاة متحركة إلى الأمام والخلف ، وتسمى باللسان وبالبرقع. وقد كتب على جوانب الميزاب ولسانه على الذهب تاريخ عمله وتجديده بخط الثلث الجميل البديع ، وهو قوي ومتين ، وتم إصلاح المسامير التي هي من الفضة الخالصة ، واستبدل الخشب بخشب قوي جديد ، قام بذلك الصائغ المكي الشيخ محمد نشار »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى