العلمانية في طورها الجديد لماذا فرضت على المسلمين ,الشيخ سفر بن الحوالي

عناصر العلمانية في طورها الجديد
1 – العلمانية وخطرها

الحمد لله القائل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيرا ً [الفرقان:31] وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد القائل: {تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك }.
وصلى الله وسلم وبارك على آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين… وبعد:
فلا شك -أيها الإخوة- في الله أن العلمانية بتلك المنزلة من الخطورة، وأنكم جميعاً -والحمد لله- على علم بها، فالعلمانية هي أكثر المذاهب الفكرية وضوحاً وجلاءًَ في الواقع المشاهد المحسوس، وإن كانت ربما تبدو غامضة في الذهن، فهي منهج واقعي ضخم، تعيش الأرض جميعاً -إلا ما رحم ربك- هذا المبدأ، وهذا المنهج القائم على الشرك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو أعظم وأكبر ذنب عصي الله عز وجل به، القائم على أن الدين الذي أنزله الله تبارك وتعالى والكتاب والحق الذي شرعه لا شأن له في حياة الناس، بل ذلك الشأن للأرباب والمتفرقين والمتألهين من العباد والأنظمة والمناهج، وليس لله عز وجل -في نظر أولئك المجرمين- من نصيب، إلا ما يُؤدَّى من شعائر تعبدية، أو ما يسمى بالصلة الروحية به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، هذه قضية معروفة عن هذا المنهج في كل مكان وجد فيه؛ ولا سيما حيث نبتت بذوره الخبيثة في أوروبا المجرمة الشاردة عن دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شرقها وغربها، الشيوعي منها والرأسمالي.
ولا يهمنا الآن أن نتحدث عن العلمانية ، بقدر ما يهمنا الحديث عن الطور الجديد الذي تعيشه، فإن الأفكار تنمو كما تنمو الأمم، وتتطور كما يتطور الأفراد أو الكائنات الحية، وإنه لا يليق بالأمة الإسلامية أن تقف عند تصور محدد لمجابهة فكرة خطيرة، بينما تلك الفكرة قد انتقلت إلى مرحلة أعلى من المجابهة، وإلى درجة أكثر من التنظير، فيجب علينا أن نعيش كل مرحلة وأن نجتهد في مواجهة كل مستوى من مستويات الانحراف، بحسب مقتضى الأحوال.
2 – لماذا فرضت العلمانية على المسلمين

العلمانية – أيها الإخوة الكرام- فرضت على العالم الإسلامي -وهي غريبة عنه- لأسبابٍ كثيرة لا مجال لذكرها الآن، ولكننا نجملها في سببين.
السبب الأول هو: أن الأمة الإسلامية قد تركت كتاب الله عز وجل وراء ظهورها، وتركت سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحكَّمت آراء الرجال، واتبعت الفرق والطرق البدعية والضلالات التي عشعشت وفرخت في الأمة، وبذلك كانت أهلاً لأن تتقبل العبودية الفكرية لأية أمة قوية غازية، ثم جاءت هذه الأمة القوية ممثلة في أوروبا الصليبية التي كانت وما تزال أخطر عدو للإسلام والمسلمين، إذ يجتمع فيها اليهود والنصارى، وهما العدو اللدود لهذا الدين، منذ أن أظهر الله تبارك وتعالى محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعثه، وهم يكيدون له ذلك الكيد العظيم وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] هذا شأنهم دائماً وذاك ديدنهم.
والسبب الآخر هو: أن هذه العلمانية فرضت في حالة تناسب حال الأمة، يومئذ تلك الأمة المنحرفة الضالة عن الكتاب والسنة، والبعيدة عن منهج الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وعن العلم الشرعي الصحيح، وعن دعوة التوحيد الحقيقية وقد كانت الدعوة موجودة -والحمد لله- وقد دعا إليها المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، ولكن الأقطار الأخرى التي لم تشملها الدعوة ظهرت فيها العلمانية وطبقها المستعمر، ثم طبقها خلفاؤه من بعده، ولا يخفى عليكم الرموز، أو الأصنام الكبرى للعلمانية ، ابتداء من أتاتورك وانتهاء بأبي رقيبة وأمثاله.
فهذه مرحلة من مراحل العلمانية ، العداء فيها سافراً، واضحاً والتحدي لله ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صارخاً، ويكون الإنكار والمكابرة لحقائق هذا الدين، وتكون الشعارات والرايات المرفوعة: اشتراكية قومية، بعثية تحررية وحدوية، إلى آخر الشعارات الزائفة الباطلة.
أما المسلم أياً كان اسمه، وأياً كان انتماءه وثناؤه فهو رجعي متأخر، يجب إبادته، وسوف تسحقه حتمية التاريخ، وسوف تسحقه الجماهير والشعوب -كما يقال- المتحررة من نيران التخلف والجمود.
هذه مرحلة، ولكنها انتهت، وابتدأت صفحة جديدة، هي التي يجب أن نهتم بها الآن، وأن نعي خطرها، وما مقتضى هذا التغير؟
3 – مقتضيات التغيير في العلمانية

لهذا التغيير المنشود في العلمانية مقتضيات عدة منها:
أولاً: أن الهجوم المباشر على الإسلام لم يؤدِّ النتيجة المطلوبة.
أن يقف الزعيم، أو الحزب، أو الصحفي، أو الكاتب، فيسب الله تعالى، ويسب رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويسب الحجاب، ويسب تحريم الربا، أو ينكر ذلك، وأشباهه؛ هذه مرحلة عفا عليها الزمن، ولم تؤد الدور المطلوب، وقد فشلت وأخفقت إخفاقاً ذريعاً واضحاً للأسياد في الشرق والغرب.
ثانياً: أنه قد ظهرت -والحمد لله- هذه الصحوة الطيبة المباركة في كل مكان، وهذه الدعوات التجديدية على تفاوت فيما بينها تطالب بالعودة إلى الكتاب والسنة.
وهنا وجد الأعداء أنفسهم أمام أمرين: مواجهة بين صحوة ناشئة تطالب بالإسلام عقيدة ومنهجاً للحياة، وبين شعارات وأفكار مهترئة متلاشية، لا قيمة لها في واقع الحياة، ذاقت الأمة مراراتها، وتحاول التخلص منها، ولم يبق لها من سبب للوجود، إلا السيطرة والسلطان والقوة التي يفرضها الغرب من جهة، وأتباعه من عملائه وأوليائه من جهة أخرى، فكان لا بد من التغيير، ومن وضع خطط جديدة.
وهذه الدلالة على التغيير كثيرة جداً، ونكتفي بسرد أمثلة محدودة من ذلك؛ لأن ما يهمنا هو أن ننبه بهذا الخطر الجديد الوافد.
وهو: أنه في الولايات المتحدة الأمريكية -زعيمة الصليبية العالمية، وأعدى عدو للإسلام في هذا العصر، ولكنه عدوٌ ماكرٌ خبيث- دُرِسَ الموضوع، ومن التقارير التي ظهرت واشتهرت. التقرير الذي نُشِر في أيام الرئيس جونسون ، ونشره الأستاذ سعد جمعة والشيخ محمد محمود الصواف في معركة الإسلام وغيرهما، مِمن اطلع على التقرير ونشره.
وكذلك تتابعت الدراسات فيها، وأنشئت أقسام في وزارة الخارجية، وفي وكالة الاستخبارات الأمريكية، كما أنشئت أقسام أكاديمية بحتة، وتوسع في الدراسات الاستشراقية، وعقد فيها عدة مؤتمرات للمستشرقين، وتبنت خطة جديدة، ومرحلة جديدة، كان قد نظَّر لها تقريباً المستشرق الإنجليزي جب ، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى نجد الشيوعية -التي نرى في هذه الأيام، أنها أصبحت حديث العالم في كل مكان- أنها قد خططت لذلك، في وثيقة مشابهة، بل نقول: إنها أفادت من التجربة الأمريكية أيضاً -وثائقياً- كما أفادت من تجاربها الخاصة، إذ كانت تطمع أن تكون هي العقيدة المسيطرة على العالم الإسلامي في الثمانينات الهجرية، والستينات الميلادية، ولا بأس أن نقرأ عليكم نتفاً من هذه الوثيقة الشيوعية ، التي لا نزال نرى آثارها في واقع الحياة، والتي -كما قلت- تعطينا صورة عن الفكر الصليبي في جملته، ثم نشرع في الحديث عن تطبيق هذه الخطة سواء من الشرق أو الغرب لوضع مرحلة جديدة للعلمانية .
4 – بعض الخطط التي ذكرت في الوثيقة الشيوعية

بعد تبين إخفاق المرحلة الأولى، جاءت هذه الوثيقة، وقد نشرت من ضمن ما نشرت في كتاب الشيوعية والأديان للأستاذ طارق الحجي ونشرتها مجلة كلمة الحق أيضاً، ونتجاوز المقدمة على أهميتها:
أولاً: ‘مهادنة الإسلام لتتم الغلبة عليه، والمهادنة لأجل، حتى نضمن أيضاً السيطرة، ونجتنب الشعوب العربية بالاشتراكية ‘
ثانياً: تشويه سمعة رجال الدين -هم ليسوا رجال دين، وإنما علماء، ولكن على تعبيرهم النصراني الكنسي- والحكام المتدينين واتهامهم بالعمالة للاستعمار والصهيونية
من الفقرة السادسة: ‘الحيلولة دون قيام حركات دينية في البلاد، مهما كان شأنها ضعيفاً، والعمل الدائم يقظة لمحو أي انبعاث ديني، والضرب بعنف لا رحمة فيه لكل من يدعو إلى الدين، ولو أدى إلى الموت وهذا بالذات داخل الاتحاد السوفييتي ‘
من الفقرة السابعة: ومع هذا لا يغيب عنا أن للدين دوره الخطير في بناء المجتمعات، ولهذا وجب أن نحاصره من كل الجهات وفي كل مكان وإلصاق التهم به، وتنفير الناس منه بالأسلوب -انظروا هذا الشرط- الذي لا ينم عن معاداة الإسلام .
من الفقرة العاشرة: ‘ إن فصم روابط الدين ومحو الدين لا يتمان بهدم المساجد، لأن الدين يكمن في الضمير’ استفادوا من تجربتهم أيام لينين واستالين ، حينما هدموا المساجد، والكنائس أيضاً والمعابد عموماً فقالوا: إن القضاء على الدين لا يمكن أن يتم بهدم المساجد، لماذا ‘ لأن الدين يكمن في الضمير، والمطلوب هو هدم الضمير الديني’ وإشغال الناس بكل ما يبعدهم عن الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ومن الفقرة الثانية عشر: ‘ خداع الجماهير ومن ذلك أن نقول عن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه إمام اشتراكي، فهو فقير وتبعه فقراء، وحارب الأغنياء المحتكرين، والإقطاعيين، والرأسماليين، والمرابين، وثار عليهم، وعلى هذا النحو يجب أن نصور الأنبياء والرسل، ونبعد القداسات الروحية والوحي والمعجزات عنهم بقدر الإمكان فهم عباقرة عظماء فقط؛ لنجعلهم بشراً عاديين حتى يسهل علينا القضاء على الهالة التي أوجدوها لأنفسهم، وأوجدها لهم أتباعهم المهوسون ‘.
من الفقرة الثامنة عشرة: ‘ نشر الأفكار الإلحادية، بل نشر كل فكرة تضعف الشعور الديني، والعقيدة الدينية، وزعزعة الثقة في رجال الدين، في كل قطر إسلامي ‘ انتبهوا كم يكررون الفصل بين الشعوب، والعلماء، والطعن في العلماء، واتهام العلماء والدعاة.
يقول في الفقرة التاسعة عشرة: ‘ لا بأس من استخدام الدين، لهدم الدين، ولا بأس من أداء الزعماء الاشتراكيين بعض الفرائض الدينية الجماعية كصلاة الجمعة وصلاة التراويح وأحياناً العيدين للتضليل والخداع، على أن لا يطول زمن ذلك ‘ ولا يستمر ولا ينظر إليه على أنه شيء أبدي لكن فقط لمخادعة الجماهير.
ومن الفقرة العشرين: ‘ إلصاق كل عيوب الدراويش، وخطايا رجال الدين بالدين نفسه ‘ كل الدراويش كالصوفية ونحوهم كل خطيئة يرتكبونها، وفساد، ونهم وجشع للدنيا وانحراف سلوكي، أو أخلاقي، أو أي عمل يلصق بالدين، فيشوه بالدين من خلال المشوهين ممن ينتسبون إليه.
من الفقرة الحادية والعشرين: ‘ تسمية الإسلام الذي تؤيده الاشتراكية لبلوغ مآربها، وتحقيق غايتها بالدين الصحيح -هذا هو الإسلام الصحيح- والدين الثوري، والدين المتطور، ودين المستقبل ‘ هذه الأوصاف كلها للإسلام الذي يضعونه، لا الإسلام الذي أنزله الله تبارك وتعالى على عبده ورسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‘ حتى يتم تجريد الإسلام، الذي جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خصائصه ومعالمه، والاحتفاظ منه بالاسم فقط، لأن العرب إلا القليل مسلمون بطبيعتهم، فليكونوا الآن مسلمين اسماً، اشتراكيين فعلاً، حتى يذوب الاسم كما ذاب معنى ‘ اشتركيين أو ديمقراطيين فأي تسمية لا تهم.
من الفقرة الثالثة والعشرين: ‘ وإذا وجدنا من الضروري مهادنة الدين وتأييده، وجب أن تكون المهادنة لأجل ‘ لاحظوا كم كرروا هذا التنبيه (المهادنة لأجل) فيفتحون الأبواب لما يسمى الانفتاحات أو الحريات حتى تنخدع الشعوب الإسلامية الواقعة تحت سلطتهم، وتبدأ في إظهار أنفسها والدعوة، ثم يكون بعد ذلك الانقضاض والتخطيط.
من الفقرة الخامسة والعشرين: ‘ الاهتمام بالإسلام مقصود منه:
أولاً: استخدام الإسلام في تحطيم الإسلام ‘ وسنرى عند الحديث عن التطبيق إن شاء الله.
‘ وثانياً: استخدام الإسلام للدخول إلى شعوب العالم الإسلامي ‘ للتغلغل ونشر المبادئ الغربية، في شعوب العالم الإسلامي.
السادس والعشرين: ‘ وباسم تصحيح المفاهيم الإسلامية ‘ انظروا شيوعيون، يصححون دين الإسلام وينقونه، سبحان الله! قال: ‘ وباسم تصحيح المفاهيم الإسلامية، وتنقيته من الشوائب، وتحت ستار الإسلام، يتم القضاء عليه بأن يستبدل به الاشتراكية ‘ أو أي منهج على أية حال.
وهذا إشارة إلى الوثيقة الأمريكية، وقراءة موجزه لبعض ما جاء في الوثيقة السوفيتية، وهناك وثائق أخرى مهمة منها ما ينشر في مجلة المجتمع عن محاضر الكونجرس الأمريكي، وكذلك نشرت في مجلة الوطن العربي محاضر أخرى وجلسات تتعلق بالصحوة الإسلامية، وهناك أيضاً الكتب التي كتبها نيتشل -وأمثاله- عن الصحوة الإسلامية، وهذه منشورة وموجودة، كما نشرت مجلة المستقبل العربي ، ونقلتها عنها بعض الكتب الإسلامية الأخرى، وفحواها أن المخابرات الأمريكية عقدت في عام 1983م -في تلك السنة فقط- 120 ندوة لدراسة الصحوة الإسلامية.
ونحن نعلم مقدماً أن هذا لا يخيفنا -والحمد لله- مهما خططوا، لكن يجب علينا أن نعرف واجبنا ونعرف العدو، ونعرف كيف نقاومه، أما أن تخيفنا هذه الأرقام وهذه الخطط فلا تخيفنا إذا اتقينا وصبرنا، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران:120] كما أخبر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما نذكر هذا ليحفزنا إلى مزيد من الصبر، ومزيد من التقوى ومعرفة حال هؤلاء وكيفية مقاومتهم.
5 – التسميات التي أطلقها العلمانيون على الإسلام

بعد ذلك ننتقل إلى التطبيق الذي حصل.
فقد ظهرت في السنوات الأخيرة أسماء منها ما يسمى “اليسار الإسلامي”، ونحن نعرف أن الإسلام ليس به يسار ويمين وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:153] لا يسار إسلامي، ولا يمين إسلامي.
كما ظهرت ما تسمى بالحركات التجديدية، وهي تجدد كل شيء ولا تقف، ولا تلتزم بالتجديد الذي أمرنا به، ويجب علينا جميعاً أن نجدده وهو: العودة بالناس للكتاب والسنة، ولكنها تجدد ما سنذكره.
ظهرت باسم النقد الذاتي: مؤلفات أو اتجاهات باسم النقد الذاتي، وتقصد بذلك:- نقد الحركات الإسلامية والدعوات الإسلامية.
أولاً: أكثر ما ينقدون وينتقدون أو يتغافلون ويتجاهلون، هو دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه- هذه لا قيمة لها عندهم، ولا تحسب على أنها دعوة تجديديه، وإنما ينظر إليها على أنها شكلية، قشور، تقليدية، إلى آخر ما يلصقونه بها من معايب ومن تهم، إن لم يتجاهلونها بالكلية، ولا ينظرون إليها، ولا إلى آثارها الضخمة -والحمد لله- التي لا تزال حية في الواقع على مستوى الأمة الإسلامية جميعاً.
ثم ينقدون الدعوات الإسلامية الأخرى، من باب الدخول إلى الشباب في الحركات والدعوات والجماعات الإسلامية الذين رأوا انحرافات، وتململوا، وكاد اليأس أن يستولي على قلوبهم مما يرون من الأخطاء، فدخلوا إليهم عن طريق هدم الأصول التي من الممكن أن تحيي الأمل في نفوسهم، وجرفهم إلى ما يريدون باسم النقد الذاتي، وإلى نشر الأفكار التي يدعون إليها.
يظهرون تارة باسم الإنسانية والدعوة إلى التعاون العالمي، ضمن مواثيق الأمم المتحدة، وهكذا تتعدد الأسماء، ولكن المقصود من ذلك واحد.
بالطبع لن نستطيع أن نأتي بالنماذج من كلامهم، وحتى الأسماء أو المؤلفات، ولكن سأحاول -إن شاء الله- أن أوجز المجالات التي أوجدوا بالفعل فيها مبادئ محددة لهم، وقضايا رئيسية؛ ويندرج تحتها فرعيات كثيرة.
6 – المجالات التي يسعى العلمانيون إلى تفكيكها

أولاً: مسألة العقيدة:
هؤلاء الذين يسمون تجديديين، أو مصلحين، أو عصريين، أو تطويريين أو يساريين إسلاميين، إلى آخر هذه الأسماء المختلفة، عندهم توحيد الأسماء والصفات لا يذكر ولا يهتمون به، ويعتبرون الحديث فيه من اللغو الباطل، الذي لا يجوز أن يدخل فيه.
توحيد الألوهية عندهم، والحديث عن الشرك، وأشباهه لا يمثل عندهم شيئاً، فهم قوم يرون أن كل من انتسب إلى الإسلام فهو مسلم، حتى أصحاب الضلالات، كالماركسيين، فالذي اسمه محمد أو عبد الله أو إلى آخره من أسماء المسلمين، فهم يعتبرونه مسلماً، وكذلك الاشتراكيون البعثييون وغيرهم، يعتبرون هؤلاء مسلمين، فليس عندهم توحيد ألوهية، ولا توحيد في الأسماء والصفات مطلقاً، فالقاعدة عندهم أن كل من انتسب للإسلام وآمن بأن الله موجود فهو مسلم، ولا يفكرون في ما بعد ذلك.
بل بعضهم جاهر وقال: إن البهائية والقاديانية والرافضة وأشباههم لا مانع أن يسموا مسلمين، ولا فرق بيننا وبينهم، وبعضهم يقول: لا، إن الاثنتين والسبعين فرقة، التي أخبر عنها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يخرج من ذلك إلا البهائية والقاديانية فقط، أما البقية كلهم من أهل السنة ، فـالخوارج والمعتزلة والشيعة كلها فرق إسلامية، ولا حرج.
ثانياً: ما موقفهم من الشريعة، ومن تطبيق شريعة الله، ومن الأحكام، ومن إقامة الحدود.
لهم موقف عجيب جداً، يقولون: أولاً: لا مانع من وجود أحزاب لا تطالب بإقامة شريعة الله، وصرح بعضهم -وربما قرأتم لبعض المغفلين الذين انساقوا وراءهم- أنه لا مانع من قيام أحزاب شيوعية في ظل الحكومة الإسلامية، أو في المجتمع الإسلامي، المهم أن تلتزم بالإسلام كحل – سبحان الله -كيف تلتزم؟!
أما الديمقراطية فالكل يسعى إليها، وينعق بها، وأذكر لكم -مثالاً فقط- ما يدور في صفحات جريدة الشرق الأوسط ، فهم بين الحين والحين يأتون بشيخ جديد ليبث أن الديمقراطية هي الإسلام، وأن الإسلام هو الديمقراطية ، وعليه فلا يمكن إقامة شريعة الله، ولا إقامة حكم الله، ولا إقامة الحدود، إذاً على من يقام حد الردة! إذا كنا نسمح بوجود أحزاب شيوعية، فعلى من يقام حد الردة؟ إذا كنا نقول: إن حرية الرأي يجب أن تستمر، حتى يقول كل إنسان ما شاء ؟!
يظهر في هذا الأثر الواضح في حياة أولئك الناس في الغرب، ولتعمدهم السير في ركاب العلمانية الجديدة التي يقودها الاستعمار الغربي ويخطط لها، لإحلالها محل العلمانية الملفوظة المرفوضة التي بدأت -والحمد لله- الآن تنهار في العالم الإسلامي.
طبعاً لديهم مصادر، والتاريخ مملوء بالاننحرافات، فقد رجعوا إلى مثل الطوفي الذي يقول: [[إن المصلحة تقدم على النص]] وأخذوا منه، وأخذوا من شذوذات داوود بن علي الظاهري وأخذوا من شذوذات ابن حزم وأخذوا من شذوذات بعض المؤلفين للقواعد الفقهية، واستنتجوا من ذلك أن الإسلام لا يمكن أن يطبق نصاً وحرفاً، الإسلام عندهم مباديء عامة، وليس أحكاماً تفصيلية مقررة، يضربون كتاب الله بعضه ببعض.
يقولون مثلاً: قوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185] يضربون بها قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38].
يقولون: الآن المجتمعات في هذا العصر، تعيش في حالة من الإنهاك الاقتصادي، ومن السيطرة الغربية، وكذا وكذا، فلا يمكن إقامة السرقة، وحد الزنا، لأنه أقيم في أول الإسلام لأمر مصلحي، والآن لا يمكن أن تقام الحدود، فيبقى الإسلام دعوة عامة للعدل، لكن يمكن أن يطبق العدل، عن طريق الأنظمة والقوانين الوضعية.
فلا يرضون بأخذ أحكام شرعية من قول الله وقول رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويعتبرونها حرفية مرفوضة تماماً.
يقولون: وجد منافقون في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان لهم رأس كما ورد في السيرة أن عبد الله بن أبي رأس النفاق، فيستدلون بهذا على جواز وجود أحزاب معارضة شيوعية أو يمينية أو يسارية كما قلنا.
وفي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] يقولون: إذاً: كيف نقسم العالم إلى دار كفر، ودار إسلام، وكيف نجعل دية المسلم، غير دية الكافر، وكيف لا نقتص للكافر من المسلم إذا قتله، والله تعالى يقول هذه الآيات؟ وهكذا يضربون الأحكام الشرعية فيلغون الأحكام التفصيلية باستنباطات جديدة مباشرة من النصوص الشرعية، بمنهج انتقائي غريب.
7 – هجوم أعداء الله على مصادرنا الإسلامية

بعد ذلك يأتون إلى الأصول التي يجتمع عليها الناس ويفهمون منها، ويأخذون منها أحكامهم ودينهم، فيضربونها ضربة قاضية.
فمثلاً: نحن عندنا علوم معيارية، وعلم أصول الفقه، وهذا يضبط كيف نستنبط الأحكام؟ وما هي مصادر الاستنباط؟ إلى آخر ذلك، فيضربون أصول الفقه ويقولون: لا بد من أصول فقه جديد، وكذلك القياس؛ يقولون: لا بد من القياس الواسع، بمعنى: قس أي شيء على أي شيء كما يحلو لك، وكذلك المصلحة الواسعة، ليست المصلحة الشرعية، بل المصلحة الواسعة التي يمكن أن تلغي النصوص، وكذلك الإجماع المقيد، يقولون: أنتم تقولون: إن الإجماع إجماع مجتهدي الأمة! وهذا غير ما عندنا من الإجماع المقيد قال بعضهم: إذا أجمع طلاب مدرسة ثانوية على شيء، فهذا إجماع، ولو أجمعت جمعية على شيء فهذا إجماع.
فيقولون: لماذا نقيد الإجماع بإجماع المجتهدين؟ ولم هذه الشروط الصعبة؟ وهذا مؤداه هدم هذه الأصول؛ لأنها إذا هدمت يبقى القرآن، والسنة ألفاظاً عائمة لا تستفاد منها أحكام، وتقرأ للتبرك، أو في الصلاة، أما في الواقع، فلا يمكن لأحد أن يطبقها أو أن يقيمها.
قالوا أيضاً فيما ما يتعلق بأصول الحديث: أصول الحديث هذه يجب إعادة النظر فيها، وقد تجرأ بعضهم -عياذاً بالله- فصرح وقال: من القواعد التي يجب إعادة النظر فيها أن علماء الجرح والتعديل قرروا أن الصحابة كلهم عدول. قال: وهذا ليس صحيحاً! فليس بمجرد أنه رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وآمن به يكون عدلاً!
فجاء باجتهاد لم يسبق إليه وقال: نضع شروطاً لقبول رواية الصحابي، نقول منها: أن لا يروي الصحابي حديثاً فيه مصلحة له أو لمن يواليه حتى نضمن أنه لم يبتدع من عنده. أي أنه يتهم الصحابة بالكذب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصالح شخصية والعياذ بالله.
ثم يأتي إلى الصحيحين ويقول: لا نسلم بأن كل ما في الصحيحين صحيح، بل لا بد أن نعرض ما فيهما على القرائن والنظر العقلي، والتاريخ، والتحليل النفسي، والتحليل الاجتماعي، ويهذون بعبارات إذا رآها الإنسان يقول: صحيح! إذن لا بد أن نعيد النظر، فيشككون الناس في قيمة السنة النبوية.
أما الفقه فهجومهم عليه عجيب: فهم يدخلون من مدخل سلفي، فيقولون أول شيء: الحجة هو الكتاب والسنة، وآراء الرجال لا حجة فيها، فنقول: ما شاء الله، كلام طيب! لكن ماذا يريدون؟ يريدون فصل كلام السلف وفصل تطبيق السلف وكلامهم وتفسيرهم وفهمهم للكتاب والسنة فصلاً كاملاً، فيأخذون هم مباشرة من القرآن والسنة؛ وأنت تأخذ مباشرة، فيقلبون الآيات كما ذكرنا، ويضربون كتاب الله بعضه ببعض، ويضربون الحديث بعضه ببعض كما يشاءون، ويصححون ويضعفون كما يشاءون، أما كلام الأئمة العلماء وفهمهم وعملهم وتطبيقهم ومؤلفاتهم فهذا كلام بشر، ويقولون: فرق بين الدين وبين فهم الدين وصورة التدين، ففهم الدين يختلف بحسب العصور، وصورة التدين تختلف بحسب العصور، أما الدين فهو النص فقط، ثم كل يفهمه كما يشاء.
وهجموا هجوماً آخر فقالوا: كتب الفقه المطولات المعقدات تستطرد وتطيل النفس في أبواب الحيض والنفاس، والصلاة، والصيام والزكاة، ولكنها لا تتعرض لأبواب الإمامة والخلافة ونظام الحكم والشورى لماذا؟ قالوا: لأنها كتبت في أيام سيطرة الحكام الاستبداديين، والعلماء كانوا يسيرون في ركاب السلطة، فهو فقه مرحلي، مؤقت، فقه كان يتكلم باسم الطبقة المسيطرة، وباسم الحكام وأولياء الأمور في تلك المرحلة.
طبعاً معروف أننا لم نجد في كتب الفقه، أو قد لا نجد على العموم ما يتعلق بالإمامة والخلافة؟ لأن باب الإمامة أرفع عندنا من أن يذكر في أبواب الفقه، فهو موجود في كتب العقيدة كما تعلمون، الإمامة من مسائل العقيدة.
ونظراً لما جرى من الخوارج وغيرهم، فهم يأتون إلى هذا الشيء.
يقولون: الفقه الإسلامي فقه عنصري! كيف هذا؟ قالوا: انظر كيف أن الفقهاء يقسمون الدور إلى دار حرب ودار إسلام، وهذه مرحلة نتيجة الحروب الصليبية التي كانت دائرة، ونتيجة أن الناس في العصور الوسطى كان النصراني يكفر المسلم، والمسلم يكفر النصراني، أما الآن فلا، العالم انفتح الآن، وصارت هناك حقوق للإنسان، ولا يصلح بعد الآن، أن نقول: فقه للمسلمين وفقه لغير المسلمين، دار إسلام ودار حرب، هذا كله كلام لا قيمة له الآن.
بعد ذلك إذا جئنا للاقتصاد يأتونك بالعجب العجاب، البنوك لا بد منها، الفوائد الربوية ضرورية، ومن الذي يقول: إن الفوائد ليست حلالاً؟! ويدافعون عنها أشد الدفاع، المؤسسات الرأسمالية تقوم كما هو الحال في الدول الغربية، وكذلك الشركات تقوم على النمط الغربي، وهذا من الإسلام ومن الديمقراطية ومن حرية المال، أو من الاشتراكية ، كما في الوثيقة الاشتراكية ، واليسار الإسلامي يقول: الماء والنار والكلأ مباحة للجميع، ويقاس على ذلك كل وسائل الإنتاج، ويقاس على ذلك المصانع والتأمين…إلخ.
فتكون الأحكام كلها نسخة من الغرب، ولا تؤخذ من الفقه الإسلامي، ولا من كتاب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وبالذات في هذا الجانب.
8 – المرأة والحجاب

موضوع المرأة والحجاب، ماذا يقول فيه العلمانيون الجدد؟ الذين يلبسون ثوب الإسلام المزعوم، فضفاضاً واسعاً، ويقولون: المجتمع الإسلامي، ليس مجتمعاً منفصلاً، المرأة فيه لا تختلط بالرجال؛ بل هو مجتمع مختلط، ولكنه فقط محتشم لا منفصل، هذا شعارهم!
وما هو تفصيل هذه الحشمة؟ تغطية الوجه ينكرونها تماماً، الحجاب الحقيقي الذي هو أن تكون المرأة في بيتها، فإن خرجت فهي مغطية لوجهها وسائر جسمها ينكرونه، ويقولون: يجب أن تخرج المرأة، والمرأة مظلومة، والفقه الأعوج، أو الفقه الميت… إلى آخره، هو الذي يحبس المرأة في البيت، أو يأمرها بأن تغطي وجهها، وأننا نخجل ونستحيي أن يرانا الغربيون ونساؤنا يغطين وجوههن، والغربيات يحكمن الدول، جاء هذا على ألسنة كثيرين وليس رجلاً واحداً فقط، إنما هذا كاتجاه ومنهج لإفساد المرأة المسلمة.
والفن ماذا يقولون؟ لهم رسائل في ذلك، ولهم كتب منها كتاب الدين والفن ، منها كتاب آراء تقدمية في الفكر الإسلامي يقولون: يوجد في الفقه الإسلامي آراء تقدمية سبقت عصرها.
إذن عندنا كنوز خفية ما نعلمها، انظروا إلى ابن حزم كيف أباح الغناء، هذا فكر تقدمي، والآن القرن العشرين بدأ الإنسان المعاصر يحس بأهمية الغناء وضرورته، لكن المتزمتين والمتشددين يقولون: البخاري روى وفلان قال، وابن القيم ذكر خمسين وجهاً في تحريمه، كله كلام لا قيمة له في نظرهم.
ومن الآراء التقدمية أو التحررية والتجديدية قول بعضهم: الرقص إن كان المقصود منه إثارة الشهوات فلا ينبغي، وأما إن كان المقصود منه بعض الشعور، والإحساس بالجمال، وتنمية الشعور بالجمال، وتنبيه الناس إلى بديع خلق الله، فهو قد يخدم أغراضاً إسلامية، وكذلك الموسيقى، ولهذا فهم من أشد الناس تضجراً بتوبة المغنين والممثلين والمطربين، يتضجرون في الصحف علانية ولا يستحيون وهم يرفعون أسماء إسلامية ويدعون ذلك، ويرون أن المرأة يمكن أن تقوم بأي عمل حتى بالتوسع في مسألة الغناء والسينما.
وكل منهم يجتهد، ويفصل كما شاء، حتى إن أحدهم دخل كلية وفيها جدار يفصل الطلبة عن الطالبات؛ قال: لو كان الأمر بيدي لهدمت هذا الجدار، وبعضهم ينادي ويجاهر بأنه يجب أن يتخلص الناس من مسألة تدريس البنات عن طريق الشبكة التلفزيونية، كما هو موجود مثلاً عندنا هنا في مكة والحمد لله.
بل بعضهم يتندر حين سئل عن قيادة النساء للسيارات. فقال: إن كنتم في الدول التي تحرم ذلك – يسخر من مجتمعنا هنا – هذا لا يجوز، والعلماء سوف يفتونكم أنكم انحرفتم، أما إن كنتم تؤمنون أن المرأة بشر، وأنها إنسان مثل أي إنسان فما المانع أنها تقود السيارة، وأنها تعمل كل شيء؟ فيلجئون إلى أساليب شتى لنشر هذه الضلالات.
ومما سبق يتبين أن هذه هجمة جديدة يهاجم بها هذا الدين، وعلمانية جديدة تلبس ثوباً فضفاضاً واسعاً، تحت شعاراتٍ ونداءات إسلامية مختلفة هي العدو الذي سيواجه الدعوة الإسلامية الآن، وفي المستقبل القريب، أما من ينادون علانية بإنكار وجود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أو تكذيب كتاب الله -عز وجل- جهاراً نهاراً، أو الطعن في سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهاراً نهاراً، فهؤلاء أصبحوا يتلاشون ويتساقطون.
وهذه المرحلة الجديدة لها رموزها، ولها كتابها، ومعاهدها، ومؤسساتها، وصحافتها، وهذه لا أقولها إلا لأذكركم بها، وستعرفون الكثير منها -إن شاء الله- أينما وجدتم مثل هذه الأفكار، فستجدون وراء ذلك المكر الخبيث.

فأنبهكم جميعاً إلى خطر هذه المرحلة، وأن نكون متيقظين لمقاومة هذه الهجمة الجديدة، التي تهدم الإسلام باسم الإسلام- كما سمعنا في وثائقهم هذه.
هذا واسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتقبل مني ومنكم، وأن أكون قد وفقت على هذا الإيجاز المخل لأنبه -إخوتي الكرام- إلى خطر هذه المرحلة الجديدة التي تعيشها الصحوة الإسلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى