الصناعة تتجه لإصدار قرارها حول السكر المحلي… إلغاء (الرسوم) تأخر كثيراً

يشهد قطاع السكر في البلاد العديد من التحديات يمكن إجمالها في ارتفاع تكلفة الإنتاج، والتي يمثل فيها تعدد الرسوم والضرائب السمة البارزة فيها، مما أحدث عدم تنافسية بين المنتج المحلي والمستورد، وتأثير العقوبات الأمريكية على القطاع وصعوبة الحصول على التكنولوجيا المطلوبة لصناعة السكر، ويأتي إعلان وزارة الصناعة مؤخراً عن اتجاه لإلغاء الرسوم المفروضة على السكر المنتج محلياً برداً وسلاماً على القطاع والتي هدفت بحسب وزير الصناعة الى حماية الصناعة المحلية وتشجيعها. وزير الصناعة والتجارة موسى كرامة، الذي قام بجولة لعدد من مصانع السكر في بحر الأسبوع المنصرم بجولة شملت عدداً من مصانع السكر، وقف من خلالها على حجم الإنتاج والمعوقات التي تعترض صناعة السكر، بجانب تعرفه على المساحات المزروعة بقصب السكر، وجملة من الموضوعات المتصلة بتطوير صناعة السكر بالبلاد سبق وأعلن عن إيداع مذكرة منضدة مجلس الوزراء تختص بالسكر لتصحيح السياسات الخاصة به وفرض رسوم جمركية على المستورد، الأمر الذي انتهجته الدولة مؤخراً بفرض جمارك عليه أسوة بالضرائب التي تفرض على المصنع منه محلياً.

تأثير سلبي

وظلت شركات السكر بالبلاد تجأر بالشكوى دائماً من ارتفاع تكلفة الإنتاج وارتفاع مدخلاته حسب إفادات الشركات مما يحتم إجراء دراسات لمكونات سعر السكر من حيث الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتي ربما تقارب قيمتها السعر مما أثر سلباً على الإنتاج الذي لا يكفي حاجة البلاد من السكر، حيث قدر العجز بحوالي “700” ألف طن، بالرغم من الانتظام الذي أكدته وزارة الصناعة في عمليات إنتاج السكر بمصنعي الجنيد وحلفا الجديدة، وأشار الوزير وفقاً لوكالة الأنباء السودانية إلى تسارع الخطى لزيادة رأسمال شركة سكر النيل الأبيض بمبلغ 135 مليون دولار لزيادة المساحة المزروعة بقصب السكر إلى مئة ألف فدان لإنتاج 350 ألف طن سكر خلال أربع سنوات.

مكسب للقطاع

فيما وصف مصدر مطلع في صناعة السكر ـ فضل حجب اسمه لـ(الصيحة) اتجاه وزارة الصناعة بالصحيح، والذي قال إنه جاء تلبية لمطالبات الشركات الوطنية العاملة في صناعة السكر، مؤكداً وجود رسوم كبيرة موضوعة على الإنتاج المحلي في ظل إعفاء السكر المستورد، واعتبر القرار بالمكسب للمصانع لاكتسابها مقدرة لمنافسة السكر المستورد وتحسين أوضاعها، مشيراً إلى أن الرسوم المفروضة على جوال السكر تمثلت في 17% للجمارك و9% ضريبة مبيعات و17% قيمة مضافة و1% أرباح أعمال ألغت الدولة في العام الماضي ضريبة المبيعات والجمارك بغرض المنافسة مع السكر المستورد، وباتت الرسوم الحالية 10% قيمة مضافة و10% أرباح مبيعات.

تحصيل حاصل

ويخالفه الرأي مصدر آخر مطلع على صناعة السكر بإحدى شركات السكر لـ(الصيحة) واصفاً قرار وزارة الصناعة بتحصيل حاصل، وقال إن الرسوم المفروضة على السكر لا تتجاوز 13 جنيهاً، وغير ذات معنى كبير، مشيراً الى مشكلات تواجه المصانع حالياً مع بداية الإنتاج في الشهر الحالي متمثلة في مشاكل الوقود لا تكفي الإنتاج حتى مدة أسبوعين، وهنالك مصانع لا يتوفر لديها وقود، وحذر من تأثر الإنتاج في حال عدم وجود احتياطي كافٍ من الوقود للمصانع، لافتاً إلى أن المصانع مواجهة بأزمة السيولة وعدم وجود مبالغ آمنة لتمويل عمال الحصاد، جازماً بعدم وجود تنسيق بين الجهات ذات الصلة في قطاع السكر، وكشف أن البلاد تستورد حجم الاستهلاك المحلي من السكر البالغ مليوناً و400 ألف طن، وليس العجز في الإنتاج البالغ 700 ألف طن لغياب التنسيق بين حجم الإنتاج والاستلام والعجز في الفترة الزمنية المناسبة للاستيراد.

إفشال صناعة

وتحتل صناعة السكر أهمية كبيرة ومتنامية في الاقتصاد السوداني، حيث أن قوامها هو استغلال الميزة التنافسية التي يملكها السودان في إنتاج السكر، والمتمثلة في الموارد الطبيعية (الأرض والمياه)؛ كما أنها من الصناعات ذات القيمة المضافة العالية لارتباطها وتكاملها مع الزراعة. وصناعة السكر حالياً هي الصناعة الأولى من حيث حجم الاستثمار وأيضاً حجم العمالة، وفيما يتعلق بفرق السعر بين المحلي والمستورد يرجعها خبراء في قطاع السكر إلى الفجوة بين المنتج والاستهلاك تقدر بحوالي 50% مما أدى الى استجابة الدولة لضرورة الاستيراد من الخارج لسد الفجوة فضلاً عن أن تكلفة الإنتاج المحلي أكثر من المستورد مما أدى إلى تراجع سعر المستورد بالسوق، وتشير الاحصاءات إلى أن استهلاك ولاية الخرطوم من سلعة السكر حوالي 12 ألف جوال في اليوم، وأن السودان أقل الدول تكلفة لزراعة السكر في العالم حسب دراسات الجدوى لشركات السكر، لكن رغم ذلك تشهد السلعة ارتفاعاً، مما يتوجب اجراء دراسات لمكونات سعر السكر من حيث الضرائب المباشرة وغير المباشرة والتي ربما تقارب قيمتها لسعر.

ظلم قبيح

ويذهب الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان محجوب لـ(الصيحة) إذا وفقت وزارة الصناعة في تحويل مقترحاتها تلك الى قرارات تجاز من مجلس الوزراء ومن البرلمان تكون قد رفعت عن كاهل صناعة السكر ظلماً قبيحاً استمر سنين عديدة إذ كانت الحكومة تعفي السكر المستورد بينما تثقل كاهل المنتج المحلي بالرسوم والضرائب كأن بينها وبين صناعة السكر المحلية ثأرا تريد نيله، وهو ما أدى إلى إفشال صناعة السكر في السودان وإدخالها في ديون وخسائر كبيرة أقعدتها عن التطور والمواكبة، واعتبر التوجه الجديد لوزارة الصناعة إن تم تنفيذه سيكون باب خير عميم على صناعة السكر وعلى الاقتصاد السوداني ككل، وسينجم عنه تدفق مزيد من الاستثمارات لصناعة السكر وهو ما قد يؤدي لاحقاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه السلعة .

تقرير : مروة كمال

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى