الحضارة القديمة

الحضارة

لم يكن مصطلح الحضارة معروفاً في الزمن الماضي، وإن كان يُذكر فللتفريق بين سكان البدو، وسكّان الحضر، أي لتعيين الفرق بين البدوي، والحضريّ، والذي توفرت له الإمكانيات الأكبر في تسهيل ظروف الحياة في مجالات عديدة، (فالحضري) يعيش في مناطق منظمة، ومزودة بالبنى التحتيّة، وخدمات عامة من كهرباء، وماء، وتوفر المدراس، والمستشفيات، والطرق المعبدة، وغيرها الكثير من الامتيازات التي لا يعيش بها أبناء البادية، لذا صار لفظ الحضر أو حضري الملهم الأول لمن أطلق لفظ حضارة على التطورات التي شهدتها البشريّة في العصور المتعاقبة.
تعرف الحضارة بشكل عام بأنها: حالة المجتمع الإنساني حينما يدخل في حالة منظمة من التطور الثقافي، والاجتماعي، والعلمي، والمدنيّ، وغيرها من مجالات الحياة المختلفة، في مكان معين، وفي فترة زمنيّة معيّنة، ويعد هذا المفهوم الأشمل لعدد من المفاهيم التي ظهرت بقصد تعريف الحضارة، وربطها بمجال أو أكثر من مجالات التقدم والتطور الحاصل فيها، كأن يقال عن أمة أنها حضاريّة لجمال مبانيها وقصورها، وتطور البنيّة التحتيّة فيها مثلاً، أو لإبداعها في مجال علوم الفضاء، أو علوم الطب، أو الاقتصاد، لأن هذا القصور في التعريف عن الحضارة يظلمها، ويجردها من معالمها الحقيقيّة الثابتة، بثبات الأدلة، والعلامات التي تركتها لنا.

مفهوم الحضارة القديمة

يقصد بالحضارة القديمة: حالة المجتمعات الإنسانيّة قبل نحو ثلاثة الآلاف سنة قبل الميلاد، وبالتحديد في قارات العالم القديم التي تشمل آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، إذ يعنى هذا المصطلح ما شهدته تلك الأمم من تطورات في جوانب عديدة من الحياة، وتضم مجموعة الإنجازات، والقدرات، والآثار التي استطاعت أن تخلفها وراءها، وتتركها كبصمة لها تشهد على مدى التقدم الذي وصلت إليه في مجال أو أكثر من المجالات الثقافيّة، أو الاجتماعيّة، أو العلميّة، أو المهنيّة، وبأي مجال حياتي آخر.
لقد برزت العديد من الحضارات السابقة على صفحات التاريخ، وظلت إنجازاتها شاهدة على قوتها، وتقدمها، وتطورها حتى يومنا هذا، فالناظر إلى أهرامات مصر، والمسلات الفرعونيّة مثلاً، يشهد للشعب المصري القديم بالنبوغ، والقوة، والقدرة، والتقدم في نواحي عديدة، كالتقدم العمراني الذي يتجلى في بناء التماثيل، والمعابد، والأسواق، إضافة إلى ما ذكرناها سابقاً التقدم العلمي الطبي، والذي كان يتضح في الأساليب العلاجيّة التي استخدموها في علاج مرضاهم، والتخلص من مسببات المرض، ولعل إمحوتب الطبيب الفرعوني لا زال للآن يُدرَّس علمه، وشروحاته في الطب والصيدلة في الجامعات، والكليات، ولا ننسى ابتكارهم لعمليّة التحنيط بعد الموت، فالحضارة لديهم تتجلى في أمرين في هذا الإنجاز بالذات هما: تفكيرهم في الغيبيات وما يؤول له الميت في الحياة الأخرى، واختراعهم لطريقة تحفظ جسد الميت إلى حين موعد انتقاله من الدنيا إلى العالم الاخر، والتي تعد من الطرق المسبوقة في التطور العلمي، والطبي في آن واحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى