التدبر و التفكر فى آية عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة

تفسير آية “عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة”, تفسير آيات سورة المدثر, تفسير سورة المدثر, سورة المدثر, معنى سورة المدثر, تفسير آيات سورة المدثر, تفسير الآية الكريمة “عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة”
قوله تعالى : عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر

قوله تعالى : عليها تسعة عشر أي على سقر تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها أهلها . ثم قيل : على جملة النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها ; مالك وثمانية عشر ملكا . ويحتمل أن تكون التسعة عشر نقيبا ، ويحتمل أن يكون تسعة عشر ملكا بأعيانهم . وعلى هذا أكثر المفسرين . الثعلبي : ولا ينكر هذا ، فإذا كان ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلائق كان أحرى أن يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلائق .

وقال ابن جريج : نعت النبي – صلى الله عليه وسلم – خزنة جهنم فقال : ” فكأن أعينهم البرق ، وكأن أفواههم الصياصي ، يجرون أشعارهم ، لأحدهم من القوة مثل قوة الثقلين ، يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل ، فيرميهم في النار ، ويرمي فوقهم الجبل ” .

قلت : وذكر ابن المبارك قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن الأزرق بن قيس ، عن رجل من بني تميم قال : كنا عند أبي العوام ، فقرأ هذه الآية : وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر فقال ما تسعة عشر ؟ تسعة عشر ألف ملك ، أو تسعة عشر [ ص: 74 ] ملكا ؟ قال : قلت : لا بل تسعة عشر ملكا . فقال : وأنى تعلم ذلك ؟ فقلت : لقول الله – عز وجل – : وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا قال : صدقت هم تسعة عشر ملكا ، بيد كل ملك منهم مرزبة لها شعبتان ، فيضرب الضربة فيهوي بها في النار سبعين ألفا . وعن عمرو بن دينار : كل واحد منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر . خرج الترمذي عن جابر بن عبد الله . قال : قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم ؟ قالوا : لا ندري حتى نسأل نبينا . فجاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : يا محمد غلب أصحابك اليوم ; فقال : ” وماذا غلبوا ” ؟ قال : سألهم يهود : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم ؟ قال : ” فماذا قالوا ؟ ” قال : قالوا لا ندري حتى نسأل نبينا . قال : ” أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون ، فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا ؟ لكنهم قد سألوا نبيهم فقالوا أرنا الله جهرة ، علي بأعداء الله ! إني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك ” . فلما جاءوا قالوا : يا أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم ؟ قال : ” هكذا وهكذا ” في مرة عشرة وفي مرة تسعة . قالوا : نعم . قال لهم النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” ما تربة الجنة ” قال : فسكتوا هنيهة ثم قالوا : أخبزة يا أبا القاسم ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” الخبز من الدرمك ” . قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد عن الشعبي عن جابر . وذكر ابن وهب قال : حدثنا عبد الرحمن بن زيد ، قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في خزنة جهنم : ” ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب ” .

وقال ابن عباس : ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة ، وقوة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم .

قلت : والصحيح إن شاء الله أن هؤلاء التسعة عشر ، هم الرؤساء والنقباء ، وأما جملتهم فالعبارة تعجز عنها ; كما قال الله تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها . وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : لما نزل : عليها تسعة عشر قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم ! أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة [ ص: 75 ] جهنم تسعة عشر ، وأنتم الدهم – أي العدد – والشجعان ، فيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم ! قال السدي : فقال أبو الأسود بن كلدة الجمحي : لا يهولنكم التسعة عشر ، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة ، وبمنكبي الأيسر التسعة ، ثم تمرون إلى الجنة ; يقولها مستهزئا . في رواية أن الحارث بن كلدة قال أنا أكفيكم سبعة عشر ، واكفوني أنتم اثنين .

وقيل : إن أبا جهل قال أفيعجز كل مائة منكم أن يبطشوا بواحد منهم ، ثم تخرجون من النار ؟ فنزل قوله تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة أي لم نجعلهم رجالا فتتعاطون مغالبتهم . وقيل : جعلهم ملائكة لأنهم خلاف جنس المعذبين من الجن والإنس ، فلا يأخذهم ما يأخذ المجانس من الرأفة والرقة ، ولا يستروحون إليهم ; ولأنهم أقوم خلق الله بحق الله وبالغضب له ، فتؤمن هوادتهم ; ولأنهم أشد خلق الله بأسا وأقواهم بطشا .

وما جعلنا عدتهم إلا فتنة أي بلية . وروي عن ابن عباس من غير وجه قال : ضلالة للذين كفروا ، يريد أبا جهل وذويه . وقيل : إلا عذابا ، كما قال تعالى : يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم . أي جعلنا ذلك سبب كفرهم وسبب العذاب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى