الإستنساخ , خطبة الإستنساخ , لفضيلة الشيخ محمد حسان

أحبتي في الله :

قنبلة علمية أذهلت العالم كله فى الأيام الماضية !!

بل وأصابت العالم كله بالدوار !!

وذلك من خلال ما يسمى بالإستنساخ !!

ونظرا لأن الموضوع يمس العقيدة ويمس قدرة الله فى قلوب المسلمين رأيت أنه من الواجب علىّ في مثل هذا الجمع المهيب .. في مثل هذا اليوم الكريم الحبيب أن أبين الحق فى هذا الموضوع الخطير ليزداد الذين أمنوا إيماناً ولا يرتابوا في عظيم قدرته وجلال عظمته جل وعلا

ومن ثم كان لقاؤنا فى هذا اليوم المبارك بعنوان (( الاستنساخ ))

وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم فى هذا الموضوع الخطير في العناصر التالية :

أولا : العلم يدعو إلى الإيمان .

ثانيا : هل خلقوا نعجة بالفعل ؟!

ثالثا : هذا خلق الله .

وأخيرا : يا أيها الإنسان ما غرك !!

فأعيروني القلوب والأسماع جيدا أيها الفضلاء الكرام والله أسأل أن يتقبل منى ومنكم جميعاً صالح الأعمال .

أولاً : العلم يدعو إلى الإيمان

إن نور الوحي لا يطمسُ نور العقل أبداً بل يباركه ويزكيه ، ويقويه شريطة أن يذعن العقل مع الكون كله لله رب العالمين .

وإنه لواجب علينا أن نحترم العقل والإدراك البشرى بالقدر الذي أراده الله له من التكريم في مجاله الذي يحسنه ويبدع فيه حتى لا نمضى بالعقل البشرى والإدراك البشرى بعيداً بعيداً عن حدود هذا المجال وعن حدود قدراته وإبداعه وحتى لا نمضى فى التيه والضلال بلا دليل أو برهان :

أيها الأحبة الكرام :

ما كان الإسلام أبداً ولن يكون نداً للعلم وكيف ذلك ؟!!

والإسلام هو الذي دعا للعلم منذ لحظاته الأولى يوم أن تنزلت الآيات على قلب الأمي الذي علم المتعلمين نزل عليه قول الله جل وعلا :

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1 _ 5]

وقال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34]

فالعلم صفة من أَجَلِّ صفات الله جل وعلا :

فالله جل جلاله يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف يكون .

قال تعالى : وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59]

ولكن الله جل وعلا قدر منذ الأزل وشاء منذ الأزل أن يعلم الإنسان شيئاً من علم الله في الوقت الذي يشاءه الله ، وبالقدر الذي يريده الله قال جل فى علاه : وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء َ [البقرة: 255]

وقال جل جلاله : وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة:31-33]

فكل علم يعلمه الإنسان اليوم إنما ورثه الله جل وعلا لهذا الإنسان من خلال أبيه آدم الذى علمه الله أسماء وعلوم كل شئ وظل هذا العلم مكنوناً فى هذا الكون .

إن الإنسان الذى أسكرته نشوة العلم وأعماه غرور العلم .

هذا الإنسان إلى الآن لا يعلم نفسه !! لا يدرى حقيقة مشاعره !! لا يدرى حقيقة عقله !! لا يدرى حقيقة روحه !!

ومع ذلك فإنه يتبجح ويستعلى على الله بما شاء وأراده الله له أن يكتشفه !! وهنا فإن العلماء ينقسمون تجاه الآيات الكونية والآيات العلمية إلى قسمين :

القسم الأول : فريق من العلماء تزيده الاكتشافات العلمية عناداً وإلحاداً كبراً وطغياناً وكفراً !!
وهؤلاء عند الله بعلومهم أضل من البهائم قال تعالى :

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [لأعراف:179]

القسم الآخر : تزيده الاكتشافات العلمية والآيات الكونية إيمانا برب البرية وهؤلاء الذين قال الله فى حقهم :

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء [فاطر: 28]

أيها الأحبة الكرام :

العلم يدعو إلى الايمان بالله جل وعلا وأختم هذا العنصر الهام بكلمات دقيقة لعالم الطبيعة الفيلسوف الأمريكى ( ماريت ستانلى ).

إذ يقول : إن العلوم التى يصل إليها الانسان تبدأ بالاحتمالات وتنتهى كذلك بالاحتمالات ، وأن أى نتيجة يصل إليها الانسان من خلال نظرية علمية ليست نهائية وإنما هى إجتهادية وقابلة للتعديل بالإضافة أو الحذف وإننا لنرى العَالِم عندما يصل إلى قانون أو نظرية يقول : هذا ما وصلنا إليه حتى الآن ثم يترك الباب مفتوحاً لما يستجد من التعديلات .

وهذه الكلمات تلخص حقيقة ما وصل إليه العلم من نتائج فى أى جانب من الجوانب.

فطالما أن الانسان هو الذى يحاول الوصول إلى هذه النتائج فأنه من الحتم أن تكون هذه النتائج مطبوعة بطبائع الانسان أى لها نفس خصائصه من قصور وجهل وخطأ ومحدودية ونقص !!

فالانسان محدود من ناحية الزمان ومن ناحية المكان ومحكوم بقصوره وجهله وضعفه وشهواته ونزواته .

فالوسيلة التى يصل بها الانسان إلى أى نتيجة هى التجربة والقياس ، وهذه الوسيلة باعتراف أهل العلم قاطبة تؤدى إلى نتيجة ظنية وليست يقينية.

ولا سبيل أبدا إلى نتيجة قطعية وحقيقية يقينية إلا عن طريق هدى الله الذى يبينه للناس.
ومن ثم يبقى علم الانسان لنفسه علماً ظنياً لا يصل إلى مرتبة اليقين بحال من الأحوال.

وهذا هو ما أثاره العلماء المتخصصون من تساؤلات حول استنساخ النعجة دوللى .

وهذا هو عنصرنا الثانى : هل خلقوا نعجة بالفعل ؟!

هل خلقوا نعجة بالفعل ؟!

لقد ثار العالم كله وهز مشاعره خبر هذه النعجة المستنسخة فى معهد روزلين باسكتلندا واصطاد العلمانيون فى الماء العكر وخرجوا علينا بكلمات خبيثة تزعزع العقيدة فى قلوب ضعاف النفوس الذين لا يخلوا منهم زمان ولا مكان .

خرج علينا من يقول : (( انتهت أسطورة الأمومة ))!!!

وخرج علينا من يقول : (( لم تعد هناك حاجة لدور ملُحٍ للرجل )) !!!

وخرج علينا من يقول : (( لقد آن الآوان للعذراء التى لم تتزوج أن تختار طفلاً بالصفات الوراثية التى تشاء دون الزواج ))!!!

وخرج علينا من العلمانيين من يقول : (( لقد أحدثت النعجة دوللى إنقلاباً فى كل الموازين والمقاييس ))!!!

وخرج علينا من يقول : (( النعجة دوللى قلبت كل الموازين والمقاييس البيولوجية والأخلاقية والدينية منذ أن خرجت إلى النور فى يوليو الماضى ووضعت الانسان فى حَيْص بَيْص ، لسبب بسيط وهو أنها ولدت بدون أب ))!!(1) .

وخرج العالم كله والعلمانيون يطبلون ويزمرون .

وهذه كلها مغالطاتُ وأوهام سخيفة .

فماذا حدث بالفعل حتى لا تختل العقيدة فى قلب مسلم أو مسلمة ؟!!

ولتقفوا على حقيقة ما حدث ليمتلىء قلبك الآن بعظمة الملك وجلال الملك .. وقدرة الملك جل جلاله .

ما حدث بالفعل أن هذا الفريق العلمى قد أخذ خَليَّة من ثدى نعجة ومنطقة الثدى تسمى ((activearea)) أى منطقة نشطة .

هذه الخلية تحتوى على كافة الجينات التى تحمل كل الصفات الوراثية وهذه الخلية الحيوانية تحتوى على أثنين وخمسين كروموزوم ناتجة عن تلقيح حيوان منوى لبويضة ، والحيوان المنوى فى الحيوان يحتوى على ستة وعشرين كروموزوم والنواة فى البويضة تحتوى على ستة وعشرين كروموزوم والنواة فى البويضة تحتوى على ستة وعشرين كروموزوم . فإذا ما إجتمع هذا العدد فى الحيوان المنوى مع هذا العدد فى نواة البويضة وخصبت البويضة تكونت الخلية التى تحتوى على إثنين وخمسين كرومزوم .

أما الخلية فى الانسان فإنها تتكون من ستة وأربعين كرومزوم ، ثلاثة وعشرين كرومزوم فى الحيوان المنوى للرجل ، وثلاثة وعشرين كرومزوم فى بويضة المرأة .

إذن فهذه الخلية تنتج حتماَ تلقيح الحيوان المنوى للبويضة ثم تتوالى إنقساماتها بعـد ذلك لتخليق أعداد هائلة من الخلايا الخاصة بالقلب والكبد والرأس وغيرها من أجزاء الجسم .

ماذا فعل هذا الفريق العلمى فى اسكتلندا ؟!!

أخذوا هذه الخلية التى أخذت من ثدى النعجة وضعوها فى بيئة ذات تركيز غذائى منخفض لتجويع الخلية حتى لا تنقسم .

المرحلة الثانية : أخذوا بويضة من نعجة ثانية لم تخصب بحيوان منوى أى تحتوى على ستة وعشرين كرومزوم فقط فأزالوا النواة أو الدانا DNA من هذه البويضة أى تخلصوا من هذا القدر من الكرومزومات ثم دمجوا الخلية الأولى التى تحتوى على 52 كرومزوم ودمجوها عن طريق الحث الكهربى بالبويضة الجديدة التى نزعوا منها النواة .

وبعد ستة أيام حملوا هذه البويضة الجديدة التى تحتوى على كافة الجينات كما لو كانت ملقحة .

حملوها إلى رحم نعجة أخرى ثالثة فأخرجت نعجة صغيرة هى نسخة من الأم الأولى التى أخذوا منها الخلية الأولى التى تحتوى على 52 كرومزوم .

هذا هو كل ما حدث فى موضوع الاستنساخ ببساطة شديدة !!!

ثم خرج علينا من يدَّعى أن الانسان قد شارك الله فى الخلق !!!

أقول بعد هذا البيان : هل يدعى عاقل يحترم نفسه ويحترم عقله أنهم خلقوا نعجة ؟!!

إن الخلق إيجاد من عدم وليس تركيب مكونات هى أصلاً من خلق الملك!!

وأنا أسأل علماء الهندسة الوراثية على وجه الأرض بل وأتحدى أمام هذا الجمع أن يخلق علماء الهندسة الوراثية حيوانا منويا واحدا أو أن يخلقوا بويضة أو أن يخلقوا خلية !!!

لماذا ذهبتم إلى الخلية التى هى أصلاً من خلق الملك فأخذتموها وأجريتم التجارب ؟!!

لماذا لم توفروا على أنفسكم هذا الجهد الهائل وهذه المليارات الطائلة وتخلقوا خلية من أول الأمر تحمل كل الصفات الوراثية التى تريدونها والتى لا تريدونها ؟!!

فالخلية خلق مَنْ ؟!

والحيوان المنوى خلق مَنْ ؟! والبويضة خلق مَنْ ؟!

((ذلكم الله فأنى تؤفكون))

ثم ها أنذا أتساءل وأقول : أيهما أيسر أن نستنسخ إنساناً جديداً أم أن نبقى حياة إنسان يعيش بيننا ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى