اختارى عريسك على الطريقة المريكانية يا قمر 2019

تأطير
أطلعْت في بعض المجلات على خبر فكاهي مفاده أن

“إحدى الشركات الأمريكية الكبيرة قرّرت “بيع العرسان” بأنْ تَذْهب المرأة إلى الشركة وتختار “عريسها” بالمواصفات التي تعجبها وتدفع الثمن وتلفه وتحمله إلى منْزلها كالآتي :
في مكتب الاستقبال يزوّد الموظَّف المرأةَ بتعليمات ملخصها أن العرسان يوجدون في طوابق عدة من المبنى حسب مواصفاتهم ولكن إذا زارت السيدة طابقا ولم يوافق مزاجها ما فيه وأنتقلت إلى طابق آخرفإنها لا تستطيع العودة إلى الطابق السابق

• في الطابق الأول تجد المرأة على المدْخَل لافتة تقول: “العرسان في هذا الطابق يتمتعون بوسامة كبيرة ويحترمون الحياة الزوجية وناجحون في حياتهم العملية فإذا لم يعجبها انتقلت إلى الطابق الثاني

• على مدخل الطابق الثاني تجد لافتة تضِيف : “الذكاء والذوْق الاجتماعي واللَّباقة فإذا لم تتنع المرأة وطمعت في الحصول على ما هو أفضل صَعدت إلى الطابق الثالث

• في الطابق الثالث أضيف إلى مواصفات العرسان التمسك بالأخلاق الفاضلة والتدين• وفي الرابع حب الأولاد والحياة الزوجية وعدم السهر خارج المنزل

• وفي الخامس أضيفت إلى اللافتة عبارة تقول: إنّ “العريس” في هذا الطابق على استعداد لمشاركة زوجته في أعمال المنزل

• فإذا قررت المرأة المتابعة والانتقال إلى الطابق السادس تفَاجأ في هذا الطابق بلافتة تقول: “أنت الزائرة رقم كذا مليون و… للمعرض،وكل اللواتي سبَقنَك تجولن في طوابق المبنى ولم يشترين شيئًا لا يوجد عرسان في هذا الطابق وقد أنشأناه لنقنع النساء أنْ لا شيء يعجبهن نشكر زيارتك

• ولن تتمكن المرأة من العودة إلى الطوابق السابقة لأنها ستجد نفسها أمام مصعد يخرجها من البناية

ما يستفاد من هذا المعرض.. وواقع الشرع الإسلامي
بعد عرض لأصناف العرسان الموجودة في كل طوابق الشركة نستشِفّ أن بعض المعايير تتناسب تناسبًا تامًّا مع ديننا وبعضها الآخر مما حذر منه ويتجلَّى ذلك فيما يلي :

التركيز على المادِّيات وتهميش البعد الديني
إنّ الطوابق الأولى ركّزت على ما هو مادّي من مكانة اجتماعية وتوفّرِ منْصب لِيأتي بعد ذلك في الدرجة الثالثة فئة من العرسان المتمسّكين بالأخلاق الفاضلة والتدين أمّا الطابق الأخير فالمفاجأة تتجلَّى في غياب العرسان تَحضر هذه المشكلة في بيئتنا الإسلامية بعد موجة من الرّفض المنبَعثة من الفتاة بعدما تقدم لها عدد من الشباب خاصّة المتدينين مما يجعلها عرضة لمشكلة العنوسة فينطبق عليها حديث حبيبنا المصطفى – صلَّى الله عليه وسلَّم – ((إذا جاءكم مَن تَرضون دينه وخلُقَه فزوِّجوه إلاَّ تفعلوه تَكُن فتنة في الأرض وفساد كبير)) رواه الترمذي وغيره

التعامل الحسن مع الزوجة
قال – تعالى – ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم21]
ولقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ((إنَّ لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا)) رواه الترمذي وحسَّنه الألباني وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم – ((لا يفرك – أيْ : لا يُبغض – مؤمِنٌ مؤمنة إن كَرِه منها خلُقًا رَضِي منها آخر)) رواه مسلموعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “إنْ كان رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – لَيُؤتى بالإناء فأشرب منه وأنا حائض،ثم يَأخذه فيضع فاه على موضِع في وإنْ كنتُ لآخذ العِرْق فآكل منه ثم يأخذه فيضع فاه على موضع في”
“رواه مسلم”

مساعدة الزوجة في أعمال المنزل
ذكر القرطبي في “الجامع” (10/145) أنّ من السُّنة مساعدةَ الرجل زوجته فيماخَف من الخِدمة ويعينها
لما روته عائشة أنّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – كان يكون في مهنة أهله فإذا سَمِع الأذان خرج وهذا قول مالك وفي أخلاق النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه كان يخصف النَّعل ويقُمُّ البيت ويَخِيط الثوب

حب الأولاد
فله أصل في شرعنا الحنيف كما فعل – صلَّى الله عليه وسلَّم – مع الأقرع بن حابس فعَن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنَّ الأقْرع بن حابس أبصَرَ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقبِّل الحسَن فقال: إنَّ لي عشرةً من الوَلَد ما قبَّلْتُ واحدًا منهم فقال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -اختارى عريسك الطريقة المريكانية frown.gif(إنه من لا يَرحم لا يُرحم)) رواه البخاري ومسلم

أزمة العنوسة في العالم الإسلامي
من خلال استقراء مميزات هذا المعْرِض يتبيّن أنَّ الأزمة (أزمة العنوسة – مشاكل الحياة الزوجية) التي تعاني منها الأمة مرتبطة أشد الارتباط بالأخذ بهذا النموذج في حياتهم الزوجية على المستوى المادي إذْ كلَّما تقدَّم الشاب للزواج أول سؤال يُطرح عليه: ما طبيعة عمَلِك؟ دون مراعاة دينه فكم من الصحابة تزوَّجوا ولم يملكوا حتَّى حقَّ المهروكان الصحابة يجمعون لهم المهر وحقَّالوليمة حتى إنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – زوَّج ابنته لعلي بن أبي طالب مقابل لدِرع

ومن أروع الأمثلة قصَّة جُلَيبيب أذْكرها رغم طولها قال أنس بن مالك- رضي الله عنه -: كان رجل من أصحاب النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقال له: جليبيب كان في وجهه دمامة وكان فقيرًا، ويُكْثِر الجلوس عند النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال له النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم – ذات يوم: ((يا جليبيب، ألاَ تتزوَّج؟)) فقال: يا رسول الله ومَن يزوِّجني؟! فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم – ((أنا أزوِّجك يا جليبيب)) فالتفت جليبيب إلى الرسول فقال:إذًا تَجِدنِي كاسدًا يا رسول الله فقال الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((غير أنَّك عندالله لست بكاسد))

ثم لم يزَل النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يتحيَّن الفُرَص حتَّى يزوِّج جليبيبًا فجاء في يوم من الأيام رجل من الأنصار قد توفِّي زوج ابنته فجاء إلى النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم – يَعْرضها عليه ليتزوَّجها النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال له النبي: ((نعم، ولكن لا أتزوَّجها أنا)) فردَّ عليه الأب: لِمَن يا رسول الله؟ فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أزوِّجها جليبيبًا)) فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوِّجها لجليبيب يا رسول الله انتظر حتى أستأمر أمَّها

ثم مضى إلى أمها وقال لها: إن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يخطب إليك ابنتك، قالت: نِعِم وَنعْمَة عيْني برسول الله ومن يردّ الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال لها: إنه ليس يريدها لنفسه قالت: لمن؟ قال: يريدها لجليبيب! قالت: لجليبيب! لا لعمر الله لا أزوِّج جليبيبًا وقد منعناها فلانًا وفلانًا فاغتم أبوها لذلك ثم قام ليأتي النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فصاحت الفتاة مِن خِدْرها وقالت لأبويها: مَن خطبني إليكما؟ قال الأب: خطبك رسول الله قالت: أفتردان رسول الله أمرَه؟ ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعنى قال أبوها: نعم

ثم ذهب إلى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – وقال: يا رسول الله شأنك بها فدعا النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – جليبيبًا ثم زوجه إياها ورفع النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – كفيه الشريفتين وقال ((اللهمَّ صُبَّ عليهما الخير صبًّا ولا تجعل عيشهما كدًّا كدًّا) ثم لم يَمض على زواجهما أيام حتَّى خرج النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – مع أصحابه في غزوة وخرج جليبيب معه فلما انتهى القتال اجتمع الناس وبدَؤوا يتفقَّدون بعضهم بعضًا فسألَهم النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – وقال ((أتفقدون مِن أحَد؟)) قالوا: نعم يا رسول الله،نفقد فلانًا وفلانًا كل واحد منهم إنما فقد تاجرًا من التجَّار أو فقَد ابن عمِّه أو أخاه فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نعَم، ومن تفقدون؟)) قالوا: هؤلاء الذين فقدناهم يا رسولالله، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -((ولكنني أفقد جليبيبًا فقوموا نتلمس خبره))ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتْلى ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتَلَهم ثم غلبَته الجراح فمات فوقف النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – على جسده المقطَّع،ثم قال((قتلْتَهم ثم قتَلُوك أنت منِّي وأنا منك أنت مني وأنا منك))ثم تربَّع النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – جالسًا بجانب هذا الجسد ثم حمل هذا الجسد على ساعديه – صلَّى الله عليه وسلَّم – وأمرهم أن يحفروا له قبرًا قال أنس: فمكثنا والله نحفر القبر وجليبيب ما له فِرَاش غير ساعِدِ رسول الله قال أنس: فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عِدَّتها حتَّى تسابق إليها الرجال يخطبونها

دون أن ننسى أن هناك عوامل أخرى تسبَّبت في انتشار الظاهرة مثل البطالة المتفشية في صفوف الشباب ومتابعة الفتَيات للدِّراسة الجامعية والمغالاة في المهور والتكاليف المصاحبة للزواج والزواج من الأجنبيات وذلك للانتقال إلى الضفة الأخرى النصرانية “أوربَّا” وذلك ظنا منهم أن ذلك سيحسن وضعيتهم الاجتماعية وانتشار الزنا انتشار النار في الهشيم وطمع الآباء في مرتبات بناتهمكما أنَّ هناك – كما ذكرت آنفًا – بعض الأولياء – هداهم الله – قد خانوا الأمانة التي حملوها في بناتهم وفتياتهم بمنعهنّ من الزواج من الأكفاء دينًا وخلقًا وأمانة فقد يتقدّم إليهم الخاطب الكُفْء فيماطلونه ويعتذرون إليه بأعذار واهية وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية ويسألون عن ماله ووظيفته ووجاهته ومكانته ويغْفلون أمْر دِينه وخلُقه وأمانتهكما أنَّ هناك عاملاً نفسيًّا يدفع عددًا كبيرًا من الشباب إلى التراجع عن الزواج ويتعلَّق الأمر بما يروج في المسلسلات ومجالس الحديث من المعاناة التي يصادفها الزَّوْج في حياته الزوجية إذْ نساء هذا العصر – على حدِّ تعبيرهم – يَفقدْن صفة الأُنوثة والرَّحمة تُجَاه أزواجهم بل يرفضون عائلة الزّوج وهذا غيض من فيض

اللهم زَوِّج عزَّابنا من المسْلمين اللهم أكثر نَسْلَهم
واجعلهم شوكة في حَلْق كلِّ من يسعى إلى هدْم ديننا وعقيدتنا إنَّك ولِيُّ ذلك والقادر عليه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى