أهمية عمل الخير والمعروف

عمل الخير والمعروف

اشتملت شرائع الإسلام على كثيرٍ من التّوجيهات الأخلاقيّة للمسلمين، كما حثّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام المسلمين على وجوهٍ كثيرة من أوجه الخير والمعروف، ومن هذه الأوجه الصّدقة على الفقير والمسكين، وتعاهد الأرامل واليَتامى وتفقّدهم، وحسن التّعامل مع الجار، وإماطة الأذى عن الطّريق، والإصلاح بين المُتشاحنين، وغير ذلك الكثير من وجوه الخير والمعروف بين النّاس.

يُمكن أن يُعرَّف عمل الخير بأيسر وأسهل تعريف بأنّه العمل المَشروع الذي يفعله النّاس ابتغاءَ وجه الله، دون انتظار الجزاء أو الشّكر. وهذا مفهومٌ يفهمه المسلمون على اختلاف خلفيّاتهم العلميّة والثقافيّة بعيداً عن التّعقيد.[١] قال تعالى في الدّعوة لعمل الخير والمعروف: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٢] وقد قال الحُطيئة:

مَن يفعلِ الخيرَ لا يَعدَم جوازيَهُ

لا يذهبُ العُرفُ بينَ اللهِ والنَّاس[٣]

فوائد عمل الخير والمعروف

عدَّ الله تعالى عمل الخير والمُسارعة فيه من صفات الأتقياء، حيث قال: (أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)،[٤] فالمسلم المُتّقي لربّه حريص على اغتنام فرص عمل الخير في الحياة لما يعلم من فوائدها الجمّة الكثيرة على الفرد والمجتمع، ومن هذه الفوائد ما يأتي:[٥]

  • نيل رضا الله عزّ وجل: حيث إنّ أهمّ فائدةٍ لعمل الخير والمعروف هي رفعها لدرجات المُؤمن وجعله قريباً من الله؛ ففاعل الخير ينال الكثير من الحسنات والأجر، وهذا ما يُقرّبه من رضا ربه وجنّته.
  • يُكسب فاعله قلوب العباد وودّهم ومَحبّتهم: فلهذا العمل أثرٌ فريدٌ في النّفس البشريّة المُتلقِّيَة له، وكما قال البستي: أحسن إلى النّاس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسان إحسانُ.[٦]
  • يُعزّز قِيَم المَحبّة والتّكافل والتّماسك بين أفراد المجتمع: فيمشي الإنسان في حاجة أخيه، ممّا يؤصِّل في نفوس النّاس المحبّة، فيعيشون بعيداً عن الكراهية والشّحناء.
  • يوثّق عُرى المجتمع ويُقوّي العلاقات: فقد ورد عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قوله: (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالحمى والسّهرِ)؛[٧] فالمسلم دائماً يشعرُ بمُصاب أخيه ويُسارع في مساعدته دون سؤال، وهذا يجعل المُجتمع الإسلاميّ كبُنيانٍ مرصوص.
  • يُساهم في خلق الأمن الاجتماعيّ والاقتصاديّ في المجتمع: فيكون النّاس مُتكافلين فيما بينهم، يُساعدون مُحتاجهم، ويتصدّقون على فقيرهم، ويُفرّجون هم منكوبهم، وبهذا تتحقّق معاني الأمن والرّاحة، فلا يقلق أحد إذا حلت به مُصيبةٌ؛ لأنّه يعلم أنّ وراءه مُجتمعاً إسلاميّاً مُتكافلاً لن يتركه وسيُساهم في حلّ مُصيبته.
  • معيارٌ أساسيّ في دوام الأمم وبقائها: فحين يغيبُ تغيبُ معه الحضارة والتقدّم، ويحلُّ الفقر والعوز، وتضيع الأمم.
  • سببٌ لتفريج الكروب وستر العيوب: فمن سعى في حاجة أخيه كان الله في عونه، وساعده، وفرّج عنه حين يحتاج.
  • سبب لاستجابة الدّعاء وقبول الرّجاء: فحبّ الخير والسباق فيه سبب لقبول الدّعاء، قال تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).[٨].

جزاء عمل الخير والمعروف

إنّ عمل الخير من الفضائل التي يُيسّر الله فعلها لمن يختار من عباده، وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات، وورد كذلك في السُنّة النبويّة الكثير من الأحاديث التي تحثّ على فعل الخير، وتُبيّن فضله، وما يَترتّب عليه من جزاءٍ عظيم، وخيرٍ كثير.

جزاء عمل الخير والمعروف في القرآن الكريم

  • (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ).[٩]
  • (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).[١٠]
  • (وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ).[١١]
  • (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[١٢]
  • (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).[١٣]

إنّ القدوة المُثلى في عمل الخير هم رسل الله عليهم الصّلاة والسّلام، وفي مُقدّمتهم الرّسول الكريم محمد عليه الصّلاة والسّلام، فكلّ واحد منهم قال لقومه إنه لا يريد من دعوتهم، وإرشادهم أجراً، فهو يريد الأجر من الله فقط؛ فهذا نوح عليه السّلام يقول لقومه: (وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ)،[١٤] ويقول هود عليه السّلام: (يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي)،[١٥] وقال محمد عليه الصّلاة والسّلام لقومه: (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).[١٦].

جزاء عمل الخير والمعروف في السنة النبوية

  • قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ للَّهِ تبارَكَ وتعالى خزائنَ من الخيرِ مَفاتيحُها الرِّجالُ، فطوبى لمن جَعلَهُ اللَّهُ مِفتاحًا للخيرِ مغلاقًا للشَّرِّ، ووَيلٌ لمن جعلَهُ مِغلاقًا للخيرِ مِفتاحًا للشَّرِّ).[١٧]
  • قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: ‏(إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ).[١٨]

وقد وردت بعض الأحاديث التي تحثُّ على فعل الخير، ومنها :

  • قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- : (بادِروا بالأعمالِ سبعًا: هل تنظرون إلَّا فقرًا مُنسِيًا، أو غنًى مُطغِيًا، أو مرضًا مُفسِدًا، أو هِرَمًا مُفنِّدًا أو موتًا مُجهِزًا، أو الدَّجَّالَ، فشرٌّ غائبٌ يُنتَظرُ، أو السَّاعةُ فالسَّاعةُ أدهَى وأمرُّ).[١٩]
  • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصّلاة والسّلام أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ عليه الصّلاة والسّلام أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ).[٢٠]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى