أمن قومي..!.. بقلم شمائل النور

السودان اليوم:
الصورة تجمع مدير جهاز الأمن مع والي الخرطوم، المتوقع أن يكون الأمر جلل وطارئ، ولا تقل أهميته عن قضية تتصل مباشرة بأمن الولاية، والذي هو قومي باعتبارها العاصمة. لكن الاجتماع لم يكن إلا لبحث أزمة خبز امتدت لشهور، تتراجع ثم تعود.
صحيح أن هناك من يعتبر أن الصورة أو الاجتماع يعبر عن اهتمام أعلى أجهزة الدولة بالقضية، لكن هذا الاعتبار نفسه هو الكارثة. حينما يصبح سير توزيع دقيق المخابز أو توزيع الوقود هو من مهام رئاسة جهاز الأمن، فهذا لا يخرج عن إثنين، إما أن هذه البلاد بلغت مبلغاً في الأزمة والعجز عن معالجتها فاضطرت دخول الكبار في ملاعب الصغار، أو أن الجهاز يعتقد أن السلطات التنفيذية المحلية غير قادرة على القيام بعملها، وربما تنشط في عمل مناوئ بقصد خلق البلبلة وإثارة السخط الشعبي، إذا ما وضعنا أمامنا الصورة كاملة للصراع السياسي، فيضطر الجهاز للتدخل المباشر ربما لإرسال رسائل محددة.
في الحالتين بل في كل الأحوال حتى تلك التي نستبعدها، فإن الأزمة أعمق وأكبر من كونها اقتصادية تتصل بشح وانعدام النقد الأجنبي، أكبر من توفير دقيق أو وقود أو دواء.
التدخل المباشر يعطي صورة أكثر إحباطاً، ويفسر مباشرة أن حالة العجز وانسداد الأفق وصلت حد الاكتفاء بالحلول الأمنية المؤقتة.
لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها أجهزة ومؤسسات سيادية تتدخل لحلحلة أزمات مهمة علاجها لا تتعدى مسؤول تنفيذي في أي مكتب حكومي.
مثلاً، نهاية العام الماضي، حملت الأخبار ما نصه “أصدر الفريق أول ركن بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي ؛ توجيهاً بالرقم 26 لسنة 2017م بشأن الضوابط المؤقتة لعمل الحافلات الصغيرة لنقل الركاب عبر الولايات، قضى بأن تلتزم الحافلات الصغيرة ببعض الضوابط لدى عملها عبر الولايات.
ثم…
حملة تسجيل شرائح الاتصالات بالرقم الوطني، كان المشرف عليها بشكل مباشر، رئاسة الجمهورية.
حتى أزمة الدقيق حينما بدأت العام قبل الماضي، كانت الرئاسة تتدخل، وتدخلت الرئاسة أيضاً في أزمة الوقود وأزمة المياه.
وحينما تصاعدت أزمة اتحاد الكرة اضطر الأمر تدخل رئيس مجلس الوزراء والنائب الأولة، وقتها، للتدخل، ولم تحل القضية إلا بعد تدخل الاتحاد الدولي (فيفا).
هذه الصورة تجعلنا أكثر إحباطاً وليس العكس، هذه الصورة لا تعبر عن اهتمام المؤسسات السيادية بالقضايا الخدمية المباشرة بقدر ماهي عاكسة لحجم الأزمة وضعف السلطة التنفيذية التي تبدو لا فائدة من بقائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى